خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} أي أفضل مما يجمعون من الدنيا. ثم قيل : الرحمة النبوة، وقيل الجنة. وقيل : تمام الفرائض خير مم كثير النوافل. وقيل : ما يتفضل به عليهم خير مما يجازيهم عليه من أعمالهم.
الآية : ٣٣ ﴿وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ﴾
فيه خمس مسائل :
الأولى : قال العلماء : ذكر حقارة الدنيا وقلة خطرها، وأنها عنده من الهوان بحيث كان يجعل بيوت الكفرة ودرجها ذهبا وفضة لولا غلبة حب الدنيا على القلوب ؛ فيحمل ذلك على الكفر. قال الحسن : المعنى لولا أن يكفر الناس جميعا بسبب ميلهم إلى الدنيا وتركهم الآخرة لأعطيناهم في الدنيا ما وصفناه ؛ لهوان الدنيا عند الله عز وجل. وعلى هذا أكثر المفسرين ابن عباس والسدي وغيرهم. وقال ابن زيد :﴿وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ في طلب الدنيا واختيارها على الآخرة ﴿لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ﴾. وقال الكسائي : المعنى لولا أن يكون في الكفار غني وفقير وفي المسلمين مثل ذلك لأعطينا الكفار من الدنيا هذا لهوانها.
الثانية : قرأ ابن كثير وأبو عمرو ﴿سَقْفا﴾ بفتح السين وإسكان القاف على الواحد ومعناه الجمع ؛ اعتبارا بقوله تعالى :﴿فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ﴾ [النحل : ٢٦]. وقرأ الباقون بضم السين والقاف على الجمع ؛ مثل رهن ورهن. قال أبو عبيد : ولا ثالث لهما. وقيل : هو جمع سقيف ؛ مثل كثيب وكثب، ورغيف ورغف ؛ قاله الفراء. وقيل : هو جمع سقوف ؛ فيصير جمع الجمع : سقف وسقوف، نحو فلس وفلوس. ثم جعلوا فعولا كأنه اسم واحد فجمعوه على فعل. وروي عن مجاهد ﴿سقفا﴾ بإسكان القاف. وقيل : اللام في ﴿لبيوتهم﴾ بمعنى على ؛ أي على بيوتهم. وقيل : بدل ؛ كما تقول : فعلت هذا لزيد لكرامته ؛ قال الله تعالى :﴿وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ﴾ [النساء : ١١] كذلك قال هنا :﴿لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ﴾.