إحداث ما لا يجوز له في السنة. وفيه دليل على استحقاق العقوبة بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؛ وقد مضى في "الأنفال". وفيه دليل على جواز القرعة واستعمالها، وقد مضى في "آل عمران" فتأمل كلا في موضعه تجده مبينا، والحمد لله.
الآية : ٣٤ ﴿وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ، وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ﴾
قوله تعالى :﴿وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً﴾ ﴿وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً﴾ أي ولجعلنا لبيوتهم. وقيل :﴿لِبُيُوتِهِمْ﴾ بدل اشتمال من قوله :﴿لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ﴾. ﴿أَبْوَاباً﴾ أي من فضة. ﴿وَسُرُراً﴾ كذلك ؛ وهو جمع السرير. وقيل : جمع الأسرة، والأسرة جمع السرير ؛ فيكون جمع الجمع. ﴿عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ﴾ الاتكاء والتوكؤ : التحامل على الشيء ؛ ومنه، ﴿أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا﴾. ورجل تكأة ؛ مثال همزة ؛ كثير الاتكاء. والتكأة أيضا : ما يتكأ عليه. وأتكأ على الشيء فهو متكئ ؛ والموضع متكأ. وطعنه حتى أتكأه (على أفعله) أي ألقاه على هيئة المتكئ. وتوكأت على العصا. وأصل التاء في جميع ذلك واو، ففعل به ما فعل باتزن واتعد. ﴿وَزُخْرُفاً ﴾ الزخرف هنا الذهب ؛ عن ابن عباس وغيره. نظيره :﴿أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ﴾ [الإسراء : ٩٣] وقد تقدم. وقال ابن زيد : هو ما يتخذه الناس في منازلهم من الأمتعة والأثاث. وقال الحسن : النقوش ؛ وأصله الزينة. يقال : زخرفت الدار ؛ أي زينتها. وتزخرف فلان ؛ أي تزبن. واتصب ﴿زخرفا﴾ على معنى وجعلنا لهم مع ذلك زخرفا. وقيل : ينزع الخافض ؛ والمعنى فجعلنا لهم سقفا وأبوابا وسررا من فضة ومن ذهب ؛ فلما حذف "من" قال :﴿وزخرفا﴾ فنصب. ﴿وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ قرأ عاصم وحمزة وهشام عن ابن عامر ﴿وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ بالتشديد. الباقون بالتخفيف ؛ وقد ذكر هذا. وروي عن أبي رجاء كسر اللام من "لما" ؛ فـ "ما" عنده بمنزلة الذي، والعائد عليها محذوف ؛ والتقدير : وإن كل ذلك للذي


الصفحة التالية
Icon