هو متاع الحياة الدنيا، وحذف الضمير ها هنا كحذفه في قراءة من قرأ ﴿مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ﴾ [البقرة : ٢٦] و ﴿تَمَاماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ﴾ [الأنعام : ١٥٤]. أبو الفتح : ينبغي أن يكون ﴿كل﴾ على هذه القراءة منصوبة ؛ لأن "إن" مخففة من الثقيلة، وهي إذا خففت وبطل عملها لزمتها اللام في آخر الكلام للفرق بينها وبين "إن" النافية التي بمعنى ما ؛ نحو إن زيد لقائم، ولا لام هنا سوى الجارة. ﴿وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ﴾ يريد الجنة لمن اتقى وخاف. وقال كعب : إني لأجد في بعض كتب الله المنزلة : لولا أن يحزن عبدي المؤمن لكللت رأس عبدي الكافر بالإكليل، ولا يتصدع ولا ينبض منه عرق بوجع. وفي صحيح الترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ :"الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر".
وعن سهل بن سعد قال : قال رسول الله ﷺ :"لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء". وفي الباب عن أبي هريرة، وقال : حديث حسن غريب. وأنشدوا :
فلو كانت الدنيا جزاء لمحسن | إذاً لم يكن فيها معاش لظالم |
لقد جاع فيها الأنبياء كرامة | وقد شبعت فيها بطون البهائم |
وقال آخر :تمتع من الأيام إن كنت حازما | فإنك فيها بين ناه وآمر |
إذا أبقت الدنيا على المرء دينه | فما فاته منها فليس بضائر |
فلا تزن الدنيا جناح بعوضة | ولا وزن رَقٌّ من جناح لطائر |
فلم يرض بالدنيا ثوابا لمحسن | ولا رضي الدنيا عقابا لكافر |
الآية : ٣٦ - ٣٨
﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ، وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ، حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ﴾