قال مقاتل : يتمنى الكافر أن بينهما بعد المشرق أطول يوم في السنة إلى مشرق أقصر يوم في السنة، ولذلك قال :﴿بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ﴾. وقال الفراء : أراد المشرق والمغرب فغلب اسم أحدهما، كما يقال : القمران للشمس والقمر، والعمران لأبي بكر وعمر، والبصرتان للكوفة والبصرة، والعصران للغداة والعصر. وقال الشاعر :
أخذنا بآفاق السماء عليكم | لنا قمراها والنجوم الطوالع |
ما كان يرضى رسول الله فعلهم | والعمران أبو بكر ولا عمر |
قَدْنيَ من نصر الخُبَيبين قَدِي
يريد عبد الله ومصعبا ابني الزبير، وإنما أبو خبيب عبد الله. ﴿فَبِئْسَ الْقَرِينُ﴾ أي فبئس الصاحب أنت ؛ لأنه يورده إلى النار. قال أبو سعيد الخدري : إذا بعث الكافر زوج بقرينه من الشياطين فلا يفارقه حتى يصير به إلى النار.
الآية : ٣٩ ﴿وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ﴾
قوله تعالى :﴿وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ﴾ ﴿إذ﴾ بدل من اليوم ؛ أي يقول الله للكافر : لن ينفعكم اليوم إذ أشركتم في الدنيا هذا الكلام ؛ وهو قول الكافر :﴿يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ﴾ أي لا تنفع الندامة اليوم ﴿إِنكم﴾ بالكسر ﴿فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ﴾ وهي قراءة ابن عامر باختلاف عنه. الباقون بالفتح. وهي في موضع رفع تقديره : ولن ينفعكم اليوم اشتراككم في العذاب ؛ لأن لكل واحد نصيبه الأوفر منه. أعلم الله تعالى أنه منع أهل النار التأسي كما يتأسى أهل المصائب في الدنيا، وذلك أن التأسي يستروحه أهل الدنيا فيقول أحدهم : لي في البلاء والمصيبة أسوة ؛ فيسكن ذلك من حزنه ؛ كما قالت الخنساء :
فلولا كثرة الباكين حولي | على إخوانهم لقتلت نفسي |
وما يبكون مثل أخي ولكن | أعزي النفس عنه بالتأسي |