قلت : ومن هذا المعنى قوله عليه الصلاة والسلام :"يأتي الشيطان أحدكم فيقول من خلق كذا وكذا حتى يقول له من خلق ربك فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته" وقد تقدم في آخر "الأعراف". ولقد أحسن من قال :
ولا تفكرن في ذي العلا عز وجهه | فإنك تردى إن فعلت وتخذل |
ودونك مصنوعاته فاعتبر بها | وقل مثل ما قال الخليل المبجل |
قوله تعالى :﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى﴾ ذهبت الوسائط وبقيت الحقائق لله سبحانه وتعال فلا فاعل إلا هو ؛ وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : لا والله ما قال رسول الله قط إن المت يعذب ببكاء أحد، ، ولكنه قال :"إن الكافر يزيده الله ببكاء أهله عذابا وإن الله لهو أضحك وأبكى وما تزر وازرة وزر أخرى". وعنها قالت : مر النبي ﷺ على قوم من أصحابه وهم يضحكون، فقال :"لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا" فنزل عليه جبريل فقال : يا محمد! إن الله يقول لك :﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى﴾. فرجع إليهم فقال :"ما خطوت أربعين خطوة حتى أتاني جبريل فقال ايت هؤلاء فقل لهم إن الله تعالى يقول :﴿هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى﴾ أي قضى أسباب الضحك والبكاء. وقال عطاء بن أبي مسلم : يعني أفرح وأحزن ؛ لأن الفرح يجلب الضحك والحزن يجلب البكاء. وقيل لعمر : هل كان أصحاب رسول الله ﷺ يضحكون ؟ قال : نعم! والإيمان والله أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي. وقد تقدم هذا المعنى في، "النمل" و"التوبة". قال الحسن :