وأنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفى، وإذا هي شجرة يسير الراكب المسرع في ظلها مائة عام لا يقطعها، والورقة منها تغطي الأمة كلها ؛ ذكره الثعلبي.
قوله تعالى :﴿عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى﴾ تعريف بموضع جنة المأوى وأنها عند سدرة المنتهى. وقرأ علي وأبو هريرة وأنس وأبو سبرة الجهني وعبدالله بن الزبير ومجاهد ﴿عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى﴾ يعني جنه المبيت. قال مجاهد : يريد أجنه. والهاء للنبي صلى الله عليه وسلم. وقال الأخفش : أدركه كما تقول جنه الليل أي ستره وأدركه. وقراءة العامة ﴿جَنَّةُ الْمَأْوَى﴾ قال الحسن : هي التي يصير إليها المتقون. وقيل : إنها الجنة التي يصير إليها أرواح الشهداء ؛ قال ابن عباس. وهى عن يمين العرش. وقيل : هي الجنة التي آوى إليها آدم عليه الصلاة والسلام إلى أن أخرج منها وهي في السماء السابعة. وقيل : إن أرواح المؤمنين كلهم في جنة المأوى. وإنما قيل لها : جنة المأوى لأنها تأوي إليها أرواح المؤمنين وهي تحت العرش فيتنعمون بنعيمها ويتنسمون بطيب ريحها. وقيل : لأن جبريل وميكائيل عليهما السلام يأويان إليها. والله أعلم.
قوله تعالى :﴿إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى﴾ قال ابن عباس والضحاك وابن مسعود وأصحابه : فراش من ذهب. ورواه مرفوعا ابن مسعود وابن عباس إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وقد تقدم في صحيح مسلم عن ابن مسعود قوله. وقال الحسن : غشيها نور رب العالمين فاستنارت. قال القشيري : وسئل رسول الله ﷺ ما غشيها ؟ قال :"فراش من ذهب". وفي خبر آخر "غشيها نور من الله حتى ما يستطيع أحد أن ينظر إليها". وقال الربيع بن أنس : غشيها نور الرب والملائكة تقع عليها كما يقع الغربان على الشجرة. وعن النبي ﷺ قال :"رأيت السدرة يغشاها فراش من ذهب ورأيت على كل ورقة ملكا قائما يسبح الله تعالى وذلك قوله :﴿إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى﴾" ذكره