وأنت لا تعاقبني - قال - فأوحى الله إلى نبي زمانهم أن قل له كم من عقوبة لي عليك وأنت لا تشعر. إن جمود عينيك وقساوة قلبك استدراج مني وعقوبة لو عقلت". والاستدراج : ترك المعاجلة. وأصله النقل من حال إلى حال كالتدرج. ومنه قيل درجة ؛ وهي منزلة بعد منزلة. واستدرج فلان فلانا ؛ أي استخرج ما عنده قليلا. ويقال : درجه إلى كذا واستدرجه بمعنى ؛ أي أدناه منه على التدريج فتدرج هو.
قوله تعالى :﴿وَأُمْلِي لَهُمْ﴾ أي أمهلهم وأطيل لهم المدة. والملاوة : المدة من الدهر. وأملى الله له أي أطال له. والملوان : الليل والنهار. وقيل :﴿وَأُمْلِي لَهُمْ﴾ أي لا أعاجلهم بالموت ؛ والمعنى واحد. وقد مضى في "الأعراف" بيان هذا. ﴿إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾ أي إن عذابي لقوي شديد فلا يفوتني أحد.
الآية :[٤٦] ﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ﴾
عاد الكلام إلى ما تقدم من قوله تعالى :﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ﴾ أي أم تلتمس منهم ثوابا على ما تدعوهم إليه من الإيمان بالله ؟ فهم من غرامة ذلك مثقلون لما يشق عليهم من بذل المال ؛ أي ليس عليهم كلفة، بل يستولون بمتابعتك على خزائن الأرض ويصلون إلى جنات النعيم.
الآية :[٤٧] ﴿أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ﴾
قوله تعالى :﴿أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ﴾ أي علم ما غاب عنهم. ﴿فَهُمْ يَكْتُبُونَ﴾ وقيل : أينزل عليهم الوحي بهذا الذي يقولون. وعن ابن عباس : الغيب هنا اللوح المحفوظ فهم يكتبون مما فيه يخاصمونك به، ويكتبون أنهم أفضل منكم، وأنهم لا يعاقبون. وقيل :"يكتبون" يحكمون لأنفسهم بما يريدون.
الآية :[٤٨] ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ﴾