قوله تعالى :﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ﴾ أي لقضاء ربك. والحكم هنا القضاء. وقيل : فأصبر على ما حكم به عليك ربك من تبليغ الرسالة. وقال ابن بحر : فأصبر لنصر ربك. قال قتادة : أي لا تعجل ولا تغاضب فلا بد من نصرك. وقيل : إنه منسوخ بآية السيف. ﴿وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ﴾ يعني يونس عليه السلام. أي لا تكن مثله في الغضب والضجر والعجلة. وقال قتادة : إن الله تعالى يعزي نبيه صلي الله عليه وسلم ويأمره بالصبر ولا يعجل كما عجل صاحب الحوت ؛ وقد مضى خبره في سورة "يونس، والأنبياء، والصافات" والفرق بين إضافة ذي وصاحب في سورة "يونس" فلا معنى للإعادة. ﴿إِذْ نَادَى﴾ أي حين دعا في بطن الحوت فقال :﴿لا لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾. ﴿وَهُوَ مَكْظُومٌ﴾ أي مملوء غما. وقيل : كربا. الأول قول ابن عباس ومجاهد. والثاني قول عطاء وأبي مالك. قال الماوردي : والفرق بينهما أن الغم في القلب، والكرب في الأنفاس. وقيل : مكظوم محبوس. والكظم الحبس ؛ ومنه قولهم : فلان كظم غيظه، أي حبس غضبه ؛ قال ابن بحر. وقيل : إنه المأخوذ بكظمه وهو مجرى النفس ؛ قاله المبرد. وقد مضى هذا وغيره في "يوسف".
الآية :[٤٩] ﴿لَوْلا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ﴾
الآية :[٥٠] ﴿فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾
قوله تعالى :﴿لَوْلا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ﴾ قراءة العامة "تداركه". وقرأ ابن هرمز والحسن "تداركه" بتشديد الدال ؛ وهو مضارع أدغمت التاء منه في الدال. وهو على تقدير حكاية الحال ؛ كأنه قال : لولا أن كان يقال فيه تتداركه نعمة. ابن عباس وابن مسعود :"تداركته" وهو خلاف المرسوم. و ﴿ تَدَارَكَهُ﴾ فعل ماض مذكر حمل على معنى


الصفحة التالية
Icon