وقال آخر :

والمرء يلحقه بفتيان الندى خلق الكريم وليس بالوضاء
وقال المبرد :﴿كُبَّاراً ﴾ "بالتشديد" للمبالغة. وقرأ ابن محيصن وحميد ومجاهد "كبارا" بالتخفيف. واختلف في مكرهم ما هو ؟ فقيل : تحريشهم سفلتهم على قتل نوح. وقيل : هو تعزيرهم الناس بما أوتوا من الدنيا والولد ؛ حتى قالت الضعفة : لولا أنهم على الحق لما أوتوا هذه النعم. وقال الكلبي : هو ما جحلوه لله من الصاحبة والولد. وقيل : مكرهم كفرهم. وقال مقاتل : هو قول كبرائهم لأتباعهم :﴿وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً﴾.
الآية :[٢٣] ﴿وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً﴾
الآية :[٢٤] ﴿وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلا ضَلالاً﴾
قال ابن عباس وغيره : هي أصنام وصور، كان قوم نوح يعبدونها ثم عبدتها العرب وهذا قول الجمهور. وقيل : إنها للعرب لم يعبدها غيرهم. وكانت أكبر أصنامهم وأعظمها عندهم ؛ فلذلك خصوها بالذكر بعد قوله تعالى :﴿لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ﴾ ويكون معنى الكلام كما قال قوم نوح لأتباعهم :﴿لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ﴾ قالت العرب لأولادهم وقومهم : لا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا ؛ ثم عاد بالذكر بعد ذلك إلى قوم نوح عليه السلام. وعلى القول الأول، الكلام كله منسوق في قوم نوح. وقال عروة بن الزبير وغيره : اشتكى آدم عليه السلام وعنده بنوه : ود، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسر. وكان ود أكبرهم وأبرهم به. قال محمد بن كعب : كان لآدم عليه السلام خمس بنين : ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر ؛ وكانوا عبادا فمات واحد منهم فحزنوا عليه ؛ فقال الشيطان : أنا أصور لكم مثله إذا نظرتم إليه ذكرتموه. قالوا : أفعل. فصوره في المسجد من صفر ورصاص. ثم مات آخر،


الصفحة التالية
Icon