الآية :[٢٦] ﴿وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً﴾
الآية :[٢٧] ﴿إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً﴾
في أربع مسائل :
الأولى- دعا عليهم حين يئس من أتباعهم إياه. وقال قتادة : دعا عليهم بعد أن أوحى الله إليه :﴿أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاَّ مَنْ﴾ فأجاب الله دعوته وأغرق أمته ؛ وهذا كقول النبي ﷺ :"اللهم منزل الكتاب سريع الحساب وهازم الأحزاب أهزمهم وزلزلهم". وقيل : سبب دعائه أن رجلا من قومه حمل ولدا صغيرا على كتفه فمر بنوح فقال :"احذر هذا فإنه يضلك". فقال : يا أبت أنزلني ؛ فأنزله فرماه فشجه ؛ فحينئذ غضب ودعا عليهم. وقال محمد بن كعب ومقاتل والربيع وعطية وابن زيد : إنما قال هذا حينما أخرج الله كل مؤمن من أصلابهم وأرحام نسائهم. وأعقم أرحام النساء وأصلاب الرجال قبل العذاب بسبعين سنة. وقيل : بأربعين. قال قتادة : ولم يكن فيهم صبي وقت العذاب. وقال الحسن وأبو العالية : لو أهلك الله أطفالهم معهم كان عذابا من الله لهم وعدلا فيهم ؛ ولكن الله أهلك أطفالهم وذريتهم بغير عذاب، ثم أهلكهم بالعذاب ؛ بدليل قوله تعالى :﴿وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ﴾
الثانية- قال ابن العربي :"دعا نوح على الكافرين أجمعين، ودعا النبي ﷺ على من تحزب على المؤمنين وألب عليهم. وكان هذا أصلا في الدعاء على الكافرين في الجملة، فأما كافر معين لم تعلم خاتمته فلا يدعى عليه ؛ لأن مآله عندنا مجهول، وربما كان عند الله معلوم الخاتمة بالسعادة. وإنما خص النبي ﷺ بالدعاء عتبة وشيبة وأصحابهما ؛ لعلمه بمآلهم وما كشف له من الغطاء عن حالهم. والله أعلم".
قلت : قد مضت هذه المسألة مجودة في سورة البقرة، والحمد لله.