بالشياطين، وكذلك المنافقون وعنه أيضا : قرن كل شكل بشكله من أهل الجنة وأهل النار، فيضم المبرز في الطاعة إلى مثله، والمتوسط إلى مثله، وأهل المعصية إلى مثله ؛ فالتزويج أن يقرن الشيء بمثله ؛ والمعنى : وإذا النفوس قرنت إلى أشكالها في الجنة والنار. وقيل : يضم كل رجل إلى من كان يلزمه من ملك وسلطان، كما قال تعالى :﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ﴾. وقال عبدالرحمن بن زيد : جعلوا أزواجا على أشباه أعمالهم ليس بتزويج، أصحاب اليمين زوج، وأصحاب الشمال زوج، والسابقون زوج ؛ وقد قال جل ثناؤه :﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ﴾ أي أشكالهم. وقال عكرمة :﴿وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ﴾ قرنت الأرواح بالأجساد ؛ أي ردت إليها. وقال الحسن : ألحق كل امرئ بشيعته : اليهود باليهود، والنصارى بالنصارى، والمجوس بالمجوس، وكل من كان يعبد شيئا من دون الله يلحق بعضهم ببعض، والمنافقون بالمنافقين، والمؤمنون بالمؤمنين. وقيل : يقرن الغاوي بمن أغواه من شيطان أو إنسان، على جهة البغض والعداوة، ويقرن المطيع بمن دعاه إلى الطاعة من الأنبياء والمؤمنين. وقيل : قرنت النفوس بأعمالها، فصارت لاختصاصها به كالتزويج.
قوله تعالى :﴿وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ، بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾ الموؤودة المقتولة ؛ وهي الجارية تدفن وهي حية، سميت بذلك لما يطرح عليها من التراب، فيوءدها أي يثقلها حتى تموت ؛ ومنه قوله تعالى :﴿وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا﴾ أي لا يثقله ؛ وقال متمم بن نويرة :

وموؤودة مقبورة في مفازة بآمتها موسودة لم تمهد
وكانوا يدفنون بناتهم أحياء لخصلتين : إحداهما كانوا يقولون إن الملائكة بنات الله، فألحقوا البنات به. الثانية إما مخافة الحاجة والإملاق، وإما خوفا من السبي والاسترقاق. وقد مضى


الصفحة التالية
Icon