ولم يمتنع الفصل، لأنه جار مجرى الصفة في التشديد. الباقون بالرفع نعتا لـ"ذو" وهو الله تعالى. واختاره أبو عبيد وأبو حاتم ؛ لأن المجد هو النهاية في الكرم والفضل، والله سبحانه المنعوت بذلك، وإن كان قد وصف عرشه بالكريم في آخر "المؤمنون". تقول العرب : في كل شجر نار، واستمجد المرخ والعفار ؛ أي تناهيا فيه، حتى يقتبس منهما. ومعنى ذو العرش : أي ذو الملك والسلطان ؛ كما يقال : فلان على سرير ملكه ؛ وإن لم يكن على سرير. ويقال : ثل عرشه : أي ذهب سلطانه. وقد مضى بيان هذا في "الأعراف" وخاصة في "كتاب الأسنى، في شرح أسماء الله الحسنى". ﴿فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾ أي لا يمتنع عليه شيء يريده. الزمخشري :"فعال" خبر ابتداء محذوف. وإنما قيل :"فعال" لأن ما يريد ويفعل في غاية الكثرة. وقال الفراء : هو رفع على التكرير والاستئناف ؛ لأنه نكرة محضة. وقال الطبري : رفع "فعال" وهي نكرة محضة على وجه الاتباع لإعراب "الغفور الودود". وعن أبي السفر قال : دخل ناس من أصحاب النبي ﷺ على أبي بكر رضي الله عنه يعودونه فقالوا : ألا نأتيك بطبيب ؟ قال : قد رآني! قالوا : فما قال لك ؟ قال : قال : إني فعال لما أريد.
١٧- ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ﴾
١٨- ﴿فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ﴾
١٩- ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ﴾
قوله تعالى :﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ﴾ أي قد أتاك يا محمد خبر الجموع الكافرة المكذبة لأنبيائهم ؛ يؤنسه بذلك ويسليه. ثم بينهم فقال :﴿فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ﴾ وهما في موضع جر على البدل من "الجنود". المعنى : إنك قد عرفت ما فعل الله بهم حين كذبوا أبياءه ورسله. ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أي من هؤلاء الذين لا يؤمنون بك. ﴿فِي تَكْذِيبٍ﴾