اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} والتبتل المنهي عنه : هو سلوك مسلك النصارى في ترك النكاح والترهيب في الصوامع، لكن عند فساد الزمان يكون خير مال المسلم غنما يتبع بها شغف الجبال ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن.
٩- ﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً﴾.
١٠- ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً﴾.
١١- ﴿وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً﴾
قوله تعالى :﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ﴾ قرأ أهل الحرمين وابن محيصن ومجاهد وأبو عمرو وابن أبي إسحاق وحفص "ربُ" بالرفع على الابتداء والخبر ﴿لا إِلَهَ إِلَّا هُوَْْ﴾. وقيل : على إضمار "هو". الباقون "رب" بالخفض على نعت الرب تعالى في قوله تعالى :﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ﴾ ﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ﴾ ومن علم أنه رب المشارق والمغارب انقطع بعمله وأمله إليه. ﴿فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً﴾ أي قائما بأمورك. وقيل : كفيلا بما وعدك.
قوله تعالى :﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ﴾ أي من الأذى والسب والاستهزاء، ولا تجزع من قولهم، ولا تمتنع من دعائهم. ﴿وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً﴾ أي لا تتعرض لهم، ولا تشتغل بمكافأتهم، فإن في ذلك ترك الدعاء إلى الله. وكان هذا قبل الأمر بالقتال، ثم أمر بعد بقتالهم وقتلهم، فنسخت آية القتال ما كان قبلها من الترك ؛ قاله قتادة وغيره. وقال أبو الدرداء : إنا لنكشر في وجوه (أقوام) ونضحك إليهم وإن قلوبنا لتقليهم أو لتلعنهم.
قوله تعالى :﴿وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ﴾ أي أرض بي لعقابهم. نزلت في صناديد قريش ورؤساء مكة من المستهزئين. وقال مقاتل : نزلت في المطعمين يوم بدر وهم عشرة. وقد تقدم ذكرهم في "الأنفال". وقال يحيى بن سلام : إنهم بنو المغيرة. وقال سعيد بن جبير أخبرت أنهم اثنا عشر رجلا. ﴿أُولِي النَّعْمَةِ﴾ أي أولي الغنى والترفه واللذة في الدنيا


الصفحة التالية
Icon