بـ"ـــكفرتم" وهذا قبيح ؛ لأن اليوم إذا علق بـ "كفرتم" احتاج إلى صفة ؛ أي كفرتم بيوم. فإن احتج محتج بأن الصفة قد تحذف وينصب ما بعدها، احتججنا عليه بقراءة عبدالله "فكيف تتقون يوما".
قلت : هذه القراءة ليست متواترة، وإنما جاءت على وجه التفسير. وإذا كان الكفر بمعنى الجحود فـ "يوما" مفعول صريح من غير صفة ولا حذفها ؛ أي فكيف تتقون الله وتخشونه إن جحدتم يوم القيامة والجزاء. وقرأ أبو السمال قعنب "فكيف تتقون" بكسر النون على الإضافة. و"الولدان" الصبيان. وقال السدي : هم أولاد الزنا. وقيل : أولاد المشركين. والعموم أصح ؛ أي يشيب فيه الضمير من غير كبر. وذلك حين يقال :"يا آدم قم فابعث بعث النار". على ما تقدم في أول سورة "الحج". قال القشيري : ثم إن أهل الجنة يغير الله أحوالهم وأوصافهم على ما يريد.
وقيل : هذا ضرب مثل لشدة ذلك اليوم وهو مجاز ؛ لأن يوم القيامة لا يكون فيه ولدان ولكن معناه أن هيبة ذلك اليوم بحال لو كان فيه هناك صبي لشاب رأسه من الهيبة. ويقال : هذا وقت الفزع، وقيل أن ينفخ في الصور نفخة الصعق، فالله أعلم. الزمخشري : وقد مر بي في بعض الكتب أن رجلا أمسى فاحم الشعر كحنك الغراب، فأصبح وهو أبيض الرأس واللحية كالثغامة، فقال : أريت القيامة والجنة والنار في المنام، ورأيت الناس يقادون في السلاسل إلى النار، فمن هول ذلك أصبحت كما ترون. ويجوز أن يوصف اليوم بالطول، وأن الأطفال يبلغون فيه أوان الشيخوخة والشيب.
قوله تعالى :﴿السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ﴾ أي متشققة لشدته. ومعنى "به" أي فيه ؛ أي في ذلك اليوم لهوله. هذا أحسن ما قيل فيه. ويقال : مثقلة به إثقالا يؤدي إلى انفطارها لعظمته عليها وخشيتها من وقوعه، كقوله تعالى :﴿ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾. وقيل :"به" أي له، أي لذلك اليوم ؛ يقال : فعلت كذا بحرمتك ولحرمتك، والباء واللام


الصفحة التالية
Icon