قال : فتزعمون أنه كاهن فهل رأيتموه تكهن قط، ولقد رأينا للكهنة أسجاعا وتخالجا فهل رأيتموه كذلك ؟ قالوا : لا والله. وكان النبي ﷺ يسمى الصادق الأمين من كثرة صدقه. فقالت قريش للوليد : فما هو ؟ ففكر في نفسه، ثم نظر، ثم عبس، فقال ما هو إلا ساحر! أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه ؟ فذلك قوله تعالى :"إنه فكر" أي في أمر محمد والقرآن "وقدر" في نفسه ماذا يمكنه أن يقول فيهما. "فقتل" أي لعن. وكان بعض أهل التأويل يقول : معناها فقهر وغلب، وكل مذلل مقتل ؛ قال الشاعر :

وما ذرفت عيناك إلا لتقدحي بسهميك في أعشار قلب مقتل
وقال الزهري : عذب ؛ وهو من باب الدعاء. ﴿كَيْفَ قَدَّرَ﴾ قال ناس :﴿كَيْفَ﴾ تعجيب ؛ كما يقال للرجل تتعجب من صنيعه : كيف فعلت هذا ؟ وذلك كقوله :﴿انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ﴾. ﴿ثُمَّ قُتِلَ﴾ أي لعن لعنا بعد لعن. وقيل : فقتل بضرب من العقوبة، ثم قتل بضرب آخر من العقوبة ﴿كَيْفَ قَدَّرَ﴾ أي على أي حال قدر. ﴿ثُمَّ نَظَرَ﴾ بأي شيء يرد الحق ويدفعه. ﴿ثُمَّ عَبَسَ﴾ أي قطب بين عينيه في وجوه المؤمنين ؛ وذلك أنه لما حمل قريشا على ما حملهم عليه من القول في محمد ﷺ بأنه ساحر، مر على جماعة من المسلمين، فدعوه إلى الإسلام، فعبس في وجوههم.. قيل : عبس وبسر على النبي ﷺ حين دعاه. والعبس مخففا مصدر عبس يعبس عبسا وعبوسا : إذا قطب. والعبس ما يتعلق بأذناب الإبل من أبعارها وأبوالها ؛ قال أبو النجم :
كأن في أذنابهن الشول من عبس الصيف قرون الأيل
قوله تعالى :﴿وَبَسَرَ﴾ أي كلح وجهه وتغير لونه ؛ قال قتادة والسدي ؛ ومنه قول بشر بن أبي خازم :


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
صبحنا تميما غداة الجفار بشهباء ملمومة باسره