﴿حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ مفتخرين بالأموات. وروى سعيد عن قتادة قال : كانوا يقولون نحن أكثر من بني فلان، ونحن أعد من بني فلان ؛ وهم كل يوم يتساقطون إلى آخرهم، والله مازالوا كذلك حتى صاروا من أهل القبور كلهم. وعن عمرو بن دينار : حلف أن هذه السورة نزلت في التجار. وعن شيبان عن قتادة قال : نزلت في أهل الكتاب.
قلت : الآية تعم جميع ما ذكر وغيره. وفي صحيح مسلم عن مطرف عن أبيه قال : أتيت النبي ﷺ وهو يقرأ ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ قال :"يقول ابن آدم : مالي مالي! وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت [وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس]". وروى البخاري عن ابن شهاب : أخبرني أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ قال :"لو أن لابن آدم واديا من ذهب، لأحب أن يكون له واديان، ولن يملأ فاه إلا التراب، ويتوب الله على من تاب". قال ثابت عن أنس عن أبي : كنا نرى هذا من القرآن، حتى نزلت ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ قال ابن العربي : وهذا نص صحيح مليح، غاب عن أهل التفسير فجهلوا والحمد لله على المعرفة. وقال ابن عباس : قرأ النبي ﷺ ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾ قال :"تكاثر الأموال : جمعها من غير حقها، ومنعها من حقها، وشدها في الأوعية".
الثانية- قوله تعالى :﴿حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ أي حتى أتاكم الموت، فصرتم في المقابر زوار، ترجعون منها كرجوع الزائر إلى منزله من جنة أو نار. يقال لمن مات : قد زار قبره. وقيل : أي ألهاكم التكاثر حتى عددتم الأموات، على ما تقدم. وقيل : هذا وعيد. أي أشغلتم بمفاخرة الدنيا، حتى تزوروا القبور، فتروا ما ينزل بكم من عذاب الله عز وجل. الثالثة- قوله تعالى :﴿الْمَقَابِرَ﴾ جمع مقبرة ومقبرة (بفتح الباء وضمها). والقبور : جمع القبر قال :