الوقف عند قوله :﴿كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾ ليس بقبيح. وكيف يقال إنه قبيح وهذه السورة تقرأ في الركعة الأولى والتي بعدها في الركعة الثانية، فيتخللها من قطع القراءة أركان ؟ وليس أحد من العلماء يكره ذلك، وما كانت العلة فيه إلا أن قوله تعالى :﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾ انتهاء آية. فالقياس على ذلك : ألا يمتنع الوقف عند أعجاز الآيات سواء كان الكلام يتم، والغرض ينتهي، أو لا يتم، ولا ينتهي. وأيضا فإن الفواصل حلية وزينة للكلام المنظوم، ولولاها لم يتبين المنظوم من المنثور. ولا خفاء أن الكلام المنظوم أحسن ؛ فثبت بذلك أن الفواصل من محاسن المنظوم، فمن أظهر فواصله بالوقوف عليها فقد أبدى محاسنه، وترك الوقوف يخفي تلك المحاسن، ويشبه المنثور بالمنظوم، وذلك إخلال بحق المقروء.
الثانية- قال مالك : الشتاء نصف السنة، والصيف نصفها، ولم أزل أرى ربيعة بن أبي عبدالرحمن ومن معه، لا يخلعون عمائمهم حتى تطلع الثريا، وهو يوم التاسع عشر من بشنس، وهو يوم خمسة وعشرين من عدد الروم أو الفرس. وأراد بطلوع الثريا أن يخرج السعاة، ويسير الناس بمواشيهم إلى مياههم، وأن طلوع الثريا أول الصيف ودبر الشتاء. وهذا مما لا خلاف فيه بين أصحابه عنه. وقال عنه أشهب وحده : إذا سقطت الهقعة نقص الليل، ، فلما جعل طلوع الثريا أول الصيف، وجب أن يكون له في مطلق السنة ستة أشهر، ثم يستقبل الشتاء من بعد ذهاب الصيف ستة أشهر. وقد سئل محمد بن عبدالحكم عمن حلف ألا يكلم أمرأ حتى يدخل الشتاء ؟ فقال : لا يكلمه حتى يمضى سبعة عشر من هاتور. ولو قال يدخل الصيف، لم يكلمه حتى يمضى سبعة عشر من بشنس. قال القرظي : أما ذكر هذا عن محمد في بشنس، فهو سهو، إنما هو تسعة عشر من بشنس، لأنك إذ حسبت المنازل


الصفحة التالية
Icon