حكاه ابن القاسم عنه، وقال به جماعة من السلف. قال أبو هريرة :"إذا حلف الرجل على الشيء لا يظن إلا أنه إياه، فإذا ليس هو، فهو اللغو، وليس فيه كفارة"، ونحوه عن ابن عباس. وروي : أن قوما تراجعوا القول عند رسول الله ﷺ وهم يرمون بحضرته، فحلف أحدهم لقد أصبت وأخطأت يا فلان، فإذا الأمر بخلاف ذلك، فقال الرجل : حنث يا رسول الله، فقال النبي ﷺ :"أيمان الرماة لغو لا حنث فيها ولا كفارة". وفي الموطأ قال مالك : أحسن ما سمعت في هذا أن اللغو حلف الإنسان على الشيء يستيقن أنه كذلك ثم يوجد بخلافه، فلا كفارة فيه. والذي يحلف على الشيء وهو يعلم أن فيه آثم كاذب ليرضي به أحدا، أو يعتذر لمخلوق، أو يقتطع به مالا، فهذا أعظم من أن يكون فيه كفارة، وإنما الكفارة على من حلف ألا يفعل الشيء المباح له فعله ثم يفعله، أو أن يفعله ثم لا يفعله، مثل إن حلف ألا يبيع ثوبه بعشرة دراهم ثم يبيعه بمثل ذلك، أو حلف ليضربن غلامه ثم لا يضربه. وروى عن ابن عباس - إن صح عنه - قال :"لغو اليمين أن تحلف وأنت غضبان"، وقاله طاوس. وروى ابن عباس أن رسول الله ﷺ قال :"لا يمين في غضب" أخرجه مسلم. وقال سعيد بن جبير : هو تحريم الحلال، فيقول : مالي علي حرام إن فعلت كذا، والحلال علي حرام، وقاله مكحول الدمشقي، ومالك أيضا، إلا في الزوجة فإنه ألزم فيها التحريم إلا أن يخرجها الحالف بقلبه. وقيل : هو يمين المعصية، قاله سعيد بن المسيب، وأبو بكر بن عبدالرحمن وعروة وعبدالله ابنا الزبير، كالذي يقسم ليشربن الخمر أو ليقطعن الرحم فبره ترك ذلك الفعل ولا كفارة عليه، وحجتهم حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي ﷺ قال :"من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليتركها فإن تركها كفارتها" أخرجه ابن ماجة في سننه، وسيأتي في "المائدة" أيضا. وقال زيد بن أسلم لغو اليمين دعاء الرجل على نفسه : أعمى الله بصره، أذهب الله ماله، هو يهودي، هو مشرك، هو لغية إن فعل كذا. مجاهد : هما الرجلان يتبايعان فيقول أحدهما : والله لا أبيعك بكذا، ويقول الآخر، والله لا أشتريه بكذا. النخعي : هو الرجل يحلف ألا يفعل الشيء ثم ينسى فيفعله.


الصفحة التالية
Icon