وقال ابن عباس أيضا والضحاك :"إن لغو اليمين هي المكفرة، أي إذا كفرت اليمين سقطت وصارت لغوا، ولا يؤاخذ الله بتكفيرها والرجوع إلى الذي هو خير". وحكى ابن عبدالبر قولا : أن اللغو أيمان المكره. قال ابن العربي : أما اليمين مع النسيان فلا شك في إلغائها. لأنها جاءت على خلاف قصده، فهي لغو محض.
قلت : ويمين المكره بمثابتها. وسيأتي حكم من حلف مكرها في "النحل" إن شاء الله تعالى. قال ابن العربي : وأما من قال إنه يمين المعصية فباطل، لأن الحالف على ترك المعصية تنعقد يمينه عبادة، والحالف على فعل المعصية تنعقد يمينه معصية، ويقال له : لا تفعل وكفر، فإن أقدم على الفعل أثم في إقدامه وبر في قسمه. وأما من قال : إنه دعاء الإنسان على نفسه إن لم يكن كذا فينزل به كذا، فهو قول لغو، في طريق الكفارة، ولكنه منعقد في القصد، مكروه، وربما يؤاخذ به، لأن النبي ﷺ قال :"لا يدعون أحدكم على نفسه فربما صادف ساعة لا يسأل الله أحد فيها شيئا إلا أعطاه إياه". وأما من قال إنه يمين الغضب فإنه يرده حلف النبي ﷺ غاضبا ألا يحمل الأشعريين وحملهم وكفر عن يمينه. وسيأتي في "براءة ". قال ابن العربي : وأما من قال : إنه اليمين المكفرة فلا متعلق له يحكى. وضعفه ابن عطية أيضا وقال : قد رفع الله عز وجل المؤاخذة بالإطلاق في اللغو، فحقيقتها لا إثم فيه ولا كفارة، والمؤاخذة في الأيمان هي بعقوبة الآخرة في اليمين الغموس المصبورة، وفيما ترك تكفيره مما فيه كفارة، وبعقوبة الدنيا في إلزام الكفارة، فيضعف القول بأنها اليمين المكفرة، لأن المؤاخذة قد وقعت فيها، وتخصيص المؤاخذة بأنها في الآخرة فقط تحكم.
الثالثة :- قوله تعالى :﴿فِي أَيْمَانِكُمْ﴾ الأيمان جمع يمين، واليمين الحلف، وأصله أن العرب كانت إذا تحالفت أو تعاقدت أخذ الرجل يمين صاحبه بيمينه، ثم كثر ذلك حتى سمي