فأمرها رسول الله ﷺ أن تعتد بحيضة". قال الترمذي : حديث حسن غريب. وعن الربيع بنت معوذ بن عفراء أنها اختلعت على عهد النبي ﷺ " فأمرها النبي ﷺ أو أمرت أن تعتد بحيضة". قال الترمذي : حديث الربيع الصحيح أنها أمرت أن تعتد بحيضة. قالوا : فهذا يدل على أن الخلع فسخ لا طلاق، وذلك أن الله تعالى قال :﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة : ٢٢٨] ولو كانت هذه مطلقة لم يقتصر بها على قرء واحد.
قلت : فمن طلق امرأته تطليقتين ثم خالعها ثم أراد أن يتزوجها فله ذلك - كما قال ابن عباس - وإن لم تنكح زوجا غيره، لأنه ليس له غير تطليقتين والخلع لغو. ومن جعل الخلع طلاقا قال : لم يجز أن يرتجعها حتى تنكح زوجا غيره، لأنه بالخلع كملت الثلاث، وهو الصحيح إن شاء الله تعالى. قال القاضي إسماعيل بن إسحاق : كيف يجوز القول في رجل قالت له امرأته : طلقني على مال فطلقها إنه لا يكون طلاقا، وهو لو جعل أمرها بيدها من غير شيء فطلقت نفسها كان طلاقا!. قال وأما قوله تعالى :﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ﴾ فهو معطوف. على قوله تعالى :﴿الطَّلاقُ مَرَّتَانِ ﴾، لأن قوله :﴿ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ إنما يعني به أو تطليق. فلو كان الخلع معطوفا على التطليقتين لكان لا يجوز الخلع أصلا إلا بعد تطليقتين وهذا لا يقوله أحد. وقال غيره : ما تأولوه في الآية غلط فإن قوله :﴿الطَّلاقُ مَرَّتَانِ﴾ أفاد حكم الاثنتين إذا أوقعهما على غير وجه الخلع، وأثبت معهما الرجعة بقوله :﴿فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ﴾ ثم ذكر حكمهما إذا كان على وجه الخلع فعاد الخلع إلى الثنتين المتقدم ذكرهما، إذ المراد بذلك بيان الطلاق المطلق والطلاق بعوض، والطلاق الثالث بعوض كان أو بغير عوض فإنه يقطع الحل إلا بعد زوج.
قلت : هذا الجواب عن الآية، وأما الحديث فقال أبو داود - لما ذكر حديث ابن عباس في الحيضة : هذا الحديث رواه عبدالرزاق عن معمر عن عمرو بن مسلم عن عكرمة عن النبي ﷺ مرسلا. وحدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن ابن عمر قال : عدة المختلعة عدة المطلقة. قال أبو داود : والعمل عندنا على هذا.