قولة تعالى :﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ﴾ فيه إحدى عشرة مسألة :
الأولى - احتج بعض مشايخ خراسان من الحنفية بهذه الآية على أن المختلعة يلحقها الطلاق، قالوا : فشرع الله سبحانه صريح الطلاق بعد المفاداة بالطلاق، لأن الفاء حرف تعقيب، فيبعد أن يرجع إلى قوله :﴿الطَّلاقُ مَرَّتَانِ﴾ لأن الذي تخلل من الكلام يمنع بناء قوله ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا﴾ على قوله ﴿الطَّلاقُ مَرَّتَانِ﴾ بل الأقرب عوده على ما يليه كما في الاستثناء ولا يعود إلى ما تقدمه إلا بدلالة، كما أن قوله تعالى :﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ﴾ [النساء : ٢٣] فصار مقصورا على ما يليه غير عائد على ما تقدمه حتى لا يشترط الدخول في أمهات النساء.
وقد اختلف العلماء في الطلاق بعد الخلع في العدة، فقالت طائفة : إذا خالع الرجل زوجته ثم طلقها وهي في العدة لحقها الطلاق ما دامت في العدة، كذلك قال سعيد بن المسيب وشريح وطاوس والنخعي والزهري والحكم وحماد والثوري وأصحاب الرأي. وفيه قول ثان وهو "أن الطلاق لا يلزمها"، وهو قول ابن عباس وابن الزبير وعكرمة والحسن وجابر بن زيد والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور، وهو قول مالك إلا أن مالكا قال : إن افتدت منه على أن يطلقها ثلاثا متتابعا نسقا حين طلقها فذلك ثابت عليه، وإن كان بين ذلك صمات فما أتبعه بعد الصمات فليس بشيء، وإنما كان ذلك لأن نسق الكلام بعضه على بعض متصلا يوجب له حكما واحدا، وكذلك إذا اتصل. الاستثناء باليمين بالله أثر وثبت له حكم الاستثناء، وإذا انفصل عنه لم يكن له تعلق بما تقدم من الكلام.
الثانية : المراد بقوله تعالى :﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا﴾ الطلقة الثالثة ﴿فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ﴾. وهذا مجمع عليه لا خلاف فيه.
واختلفوا فيما يكفي من النكاح، وما الذي يبيح التحليل، فقال سعيد بن المسيب ومن وافقه : مجرد العقد كاف. وقال الحسن بن أبي الحسن : لا يكفي مجرد الوطء حتى


الصفحة التالية
Icon