حد للآية مبين لها، لا يسع مسلما الخروج عنه. وأما من قال : ذلك على من بقي من الأبوين، فحجته أنه لا يجوز للأم تضييع ولدها، وقد مات من كان ينفق عليه وعليها. وقد ترجم البخاري على رد هذا القول [باب - وعلى الوارث مثل ذلك، وهل على المرأة منه شيء] وساق حديث أم سلمة وهند. والمعنى فيه : أن أم سلمة كان لها أبناء من أبي سلمة ولم يكن لهم مال، فسألت النبي ﷺ فأخبرها أن لها في ذلك أجرا. فدل هذا الحديث على أن نفقة بنيها لا تجب عليها، ولو وجبت عليها لم تقل للنبي ﷺ : ولست بتاركتهم. وأما حديث هند فإن النبي ﷺ أطلقها على أخذ نفقتها ونفقة بنيها من مال الأب، ولم يوجبها عليها كما أوجبها على الأب. فاستدل البخاري من هذا على أنه لما لم يلزم الأمهات نفقات الأبناء في حياة الآباء فكذلك لا يلزمهن بموت الآباء. وأما قول من قال إن النفقة والكسوة على كل ذي رحم محرم فحجته أن على الرجل أن ينفق على كل ذي رحم محرم إذا كان فقيرا. قال النحاس : وقد عورض هذا القول بأنه لم يؤخذ من كتاب الله تعالى ولا من إجماع ولا من سنة صحيحة، بل لا يعرف من قول سوى ما ذكرناه. فأما القرآن فقد قال الله عز وجل :﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ فإن كان على الوارث النفقة والكسوة فقد خالفوا ذلك فقالوا : إذا ترك خاله وابن عمه فالنفقة على خاله وليس على ابن عمه شيء، فهذا مخالف نص القرآن لأن الخال لا يرث مع ابن العم في قول أحد، ولا يرث وحده في قول كثير من العلماء، والذي احتجوا به من النفقة على كل ذي رحم محرم، أكثر أهل العلم على خلافه.
السادسة عشر :- قوله تعالى :﴿فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً﴾ الضمير في ﴿أَرَادَا﴾ للوالدين. و ﴿فِصَالاً﴾ معناه فطاما عن الرضاع، أي عن الاغتذاء بلبن أمه إلى غيره من الأقوات. والفصال والفصل : الفطام، وأصله التفريق، فهو تفريق بين الصبي والثدي، ومنه سمي الفصيل، لأنه مفصول عن أمه. ﴿عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا﴾ أي قبل الحولين. ﴿فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا﴾ أي في فصله، وذلك أن الله سبحانه لما جعل مدة الرضاع حولين بين أن فطامهما


الصفحة التالية
Icon