المهدوي عن حماد بن أبي سليمان أنه إذا طلقها ولم يدخل بها ولم يكن فرض لها أجبر على نصف صداق مثلها. وإن فرض بعد عقد النكاح وقبل وقوع الطلاق فقال أبو حنيفة : لا يتنصف بالطلاق لأنه لم يجب بالعقد وهذا خلاف الظاهر من قوله تعالى :﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ [البقرة : ٢٣٧] وخلاف القياس أيضا ؛ فإن الفرض بعد العقد يلحق بالعقد فوجب أن يتنصف بالطلاق ؛ أصله الفرض المقترن بالعقد.
الرابعة :- إن وقع الموت قبل الفرض فذكر الترمذي عن ابن مسعود "أنه سئل عن رجل تزوج امرأة لم يفرض لها ولم يدخل بها حتى مات فقال ابن مسعود : لها مثل صداق نسائها لا وكس ولا شطط وعليها العدة ولها الميراث فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال : قضى رسول الله ﷺ في بروع بنت واشق امرأة منا مثل الذي قضيت ففرح بها ابن مسعود". قال الترمذي : حديث ابن مسعود حديث حسن صحيح، وقد روي عنه من غير وجه، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ وغيرهم، وبه يقول الثوري وأحمد وإسحاق، وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ منهم علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت وابن عباس وابن عمر :"إذا تزوج الرجل امرأة ولم يدخل بها ولم يفرض لها صداقا حتى مات قالوا : لها الميراث ولا صداق لها وعليها العدة" وهول قول الشافعي. وقال : ولو ثبت حديث بروع بنت واشق لكانت الحجة فيما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم. ويروى عن الشافعي أنه رجع بمصر بعد عن هذا القول، وقال بحديث بروع بنت واشق.
قلت : اختلف في تثبيت حديث بروع ؛ فقال القاضي أبو محمد عبدالوهاب في شرح رسالة ابن أبي زيد : وأما حديث بروع بنت واشق فقد رده حفاظ الحديث وأئمة أهل العلم. وقال الواقدي : وقع هذا الحديث بالمدينة فلم يقبله أحد من العلماء وصححه الترمذي كما ذكرنا عنه وابن المنذر. قال ابن المنذر : وقد ثبت مثل قول عبدالله بن مسعود عن رسول الله ﷺ وبه نقول. وذكر أنه قول أبي ثور وأصحاب الرأي.