الآية ذم الخمر، فأما التحريم فيعلم بآية أخرى وهي آية "المائدة" وعلى هذا أكثر المفسرين.
الاولى :- قوله تعالى :﴿ يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ﴾ "قل العفو" قراءة الجمهور بالنصب. وقرأ أبو عمرو وحده بالرفع. واختلف فيه عن ابن كثير. وبالرفع قراءة الحسن وقتادة وابن أبي إسحاق. قال النحاس وغيره : إن جعلت "ذا" بمعنى الذي كان الاختيار الرفع، على معنى : الذي ينفقون هو العفو، وجاز النصب. وإن جعلت "ما" و"ذا" شيئا واحدا كان الاختيار النصب، على معنى : قل ينفقون العفو، وجاز الرفع. وحكى النحويون : ماذا تعلمت : أنحوا أم شعرا ؟ بالنصب والرفع، على أنهما جيدان حسنان، إلا أن التفسير في الآية على النصب.
الثانية :- قال العلماء : لما كان السؤال في الآية المتقدمة في قوله تعالى :﴿وَيَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ﴾ سؤالا عن النفقة إلى من تصرف، كما بيناه ودل عليه الجواب، والجواب خرج على وفق السؤال، كان السؤال الثاني في هذه الآية عن قدر الإنفاق، وهو في شأن عمرو بن الجموح - كما تقدم - فإنه لما نزل :﴿قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ﴾ [البقرة : ٢١٥] قال : كم أنفق ؟ فنزل :"قل العفو" والعفو : ما سهل وتيسر وفضل، ولم يشق على القلب إخراجه، ومنه قول الشاعر :
خذي العفو مني تستديمي مودتي | ولا تنطقي في سورتي حين أغضب |