ومعنى ﴿لانْفَضُّوا﴾ لتفرقوا ؛ فضضتهم فانفضوا، أي فرقتهم فتفرقوا ؛ ومن ذلك قول أبي النجم يصف إبلا :
مستعجلات القيض غير جرد... ينفض عنهن الحصى بالصمد
وأصل الفض الكسر ؛ ومنه قولهم : لا يفضض الله فاك. والمعنى : يا محمد لولا رفقك لمنعهم الاحتشام والهيبة من القرب منك بعد ما كان من توليهم.
في قوله تعالى :﴿فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ﴾
فيه ثمان مسائل :
الأولى :-ماء : أمر الله تعالى نبيه ﷺ بهذه الأوامر التي هي بتدريج بليغ ؛ وذلك أنه أمره بأن يعفو عنهم ما له في خاصته عليهم من تبعة ؛ فلما صاروا في هذه الدرجة أمره أن يستغفر فيما لله عليهم من تبعة أيضا، فإذا صاروا في هذه الدرجة صاروا أهلا للاستشارة في الأمور. قال أهل اللغة : الاستشارة مأخوذة من قول العرب : شرت الدابة وشورتها إذا علمت خبرها بجري أو غيره. ويقال للموضع الذي تركض فيه : مشوار. وقد يكون من قولهم : شرت العسل واشترته فهو مشور ومشتار إذا أخذته من موضعه، قال عدي بن زيد :
في سماع يأذن الشيخ له... ديث مثل ماذي مشار
الثانية :-قال ابن عطية : والشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام ؛ من لا يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب. هذا ما لا خلاف فيه. وقد مدح الله المؤمنين بقوله :﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ [الشورى : ٣٨]. قال أعرابي : ما غبنت قط حتى يغبن قومي ؛ قيل :


الصفحة التالية
Icon