رضوان بكسر الراء وضمها كالعدوان والعدوان. ثم قال تعالى :﴿هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ﴾ أي ليس من اتبع رضوان الله كمن باء بسخط منه. قيل :﴿هُمْ دَرَجَاتٌ﴾ متفاوتة، أي هم مختلفو المنازل عند الله ؛ فلمن اتبع رضوانه الكرامة والثواب العظيم، ولمن باء بسخط منه المهانة والعذاب الأليم. ومعنى ﴿هُمْ دَرَجَاتٌ﴾ - أي ذوو درجات. أو على درجات، أو في درجات، أو لهم درجات. وأهل النار أيضا ذوو درجات ؛ كما قال :"وجدته في غمرات من النار فأخرجته إلى ضحضاح". فالمؤمن والكافر لا يستويان في الدرجة ؛ ثم المؤمنون يختلفون أيضا، فبعضهم أرفع درجة من بعض، وكذلك الكفار. والدرجة الرتبة، ومن الدرج ؛ لأنه يطوى رتبة بعد رتبة. والأشهر في منازل جهنم دركات ؛ كما قال :﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ﴾ [النساء : ١٤٥] فلمن لم يغل درجات في الجنة، ولمن غل دركات في النار. قال أبو عبيدة : جهنم أدراك، أي منازل ؛ يقال لكل منزل منها : درك ودرك. والدرك إلى أسفل، والدرج إلى أعلى.
الآية : ١٦٤ ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾
بين الله تعالى عظيم منته عليهم ببعثه محمدا صلى الله عليه وسلم. والمعنى في المنة فيه أقوال : منها أن يكون معنى "بشر مثلهم" أي بشر مثلهم. فلما أظهر البراهين وهو بشر مثلهم علم أن ذلك من عند الله. وقيل :﴿مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ منهم. فشرفوا به ﷺ، فكانت تلك المنة. وقيل :"من أنفسهم" ليعرفوا حاله ولا تخفى عليهم طريقته. وإذا كان محله فيهم هذا كانوا أحق بأن يقاتلوا عنه ولا ينهزموا دونه. وقرئ في الشواذ "من أنفسهم" "بفتح الفاء" يعني من أشرفهم ؛ لأنه من بني هاشم، وبنو هاشم أفضل من قريش، وقريش أفضل من العرب، والعرب أفضل من غيرهم. ثم قيل : لفظ المؤمنين عام ومعناه خاص


الصفحة التالية
Icon