أي زائل. و"باطلا" نصب لأنه نعت مصدر محذوف ؛ أي خلقا باطلا وقيل : أنتصب على نزع الخافض، أي ما خلقتها للباطل. وقيل : على المفعول الثاني، ويكون خلق بمعنى جعل. ﴿سُبْحَانَكَ﴾ أسند النحاس عن موسى بن طلحة قال : سئل رسول الله ﷺ عن معنى "سبحان الله" فقال :"تنزيه الله عن السوء " وقد تقدم في "البقرة" معناه مستوفى. ﴿وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ أجرنا من عذابها، وقد تقدم.
العاشرة : قوله تعالى :﴿رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ﴾ أي أذللته وأهنته. وقال المفضل أي أهلكته ؛ وأنشد :
أخزى الإله من الصليب عبيده | واللابسين قلانس الرهبان |
وقيل : فضحته وأبعدته ؛ يقال : أخزاه الله : أبعده ومقته. والاسم الخزي. قال ابن السكيت : خزي يخزي خزيا إذا وقع في بلية. وقد تمسك بهذه الآية أصحاب الوعيد وقالوا : من أدخل النار ينبغي إلا يكون مؤمنا ؛ لقوله تعالى :
﴿فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ﴾ " فإن الله يقول :
﴿يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ﴾ [التحريم : ٨]. وما قالوه مردود ؛ لقيام الأدلة على أن من ارتكب كبيرة لا يزول عنه اسم الإيمان، كما تقدم ويأتي. والمراد من قوله :
﴿مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ﴾ من تخلد في النار ؛ قاله أنس بن مالك. وقال قتادة : تدخل مقلوب تخلد، ولا نقول كما قال أهل حروراء. وقال سعيد بن المسيب : الآية خاصة في قوم لا يخرجون من النار ؛ ولهذا قال :
﴿وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾ أي الكفار. وقال أهل المعاني، : الخزي يحتمل أن يكون بمعنى الحياء ؛ يقال : خزي يخزى إذا استحيا، فهو خزيان. قال ذو الرمة :
خزاية أدركته عند جولته | من جانب الحيل مخلوطا بها الغضب |
فخزي المؤمنين يومئذ استحياؤهم في دخول النار من سائر أهل الأديان إلى أن يخرجوا منها. والخزي للكافرين هو إهلاكهم فيها من غير موت ؛ والمؤمنون يموتون، فافترقوا. كذا ثبت في صحيح السنة من حديث أبي سعيد الخدري، أخرجه مسلم، وقد تقدم ويأتي.