سألتك بالله والرحم ؛ هكذا فسره الحسن والنخعي ومجاهد، وهو الصحيح في المسألة، على ما يأتي. وضعفه أقوام منهم الزجاج، وقالوا : يقبح عطف الاسم الظاهر على المضمر في الخفض إلا بإظهار الخافض ؛ كقوله :﴿ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ ﴾ ويقبح " مررت به وزيد ". قال الزجاج عن المازني : لأن المعطوف والمعطوف عليه شريكان. يحل كل واحد منهما محل صاحبه ؛ فكما لا يجوز "مررت بزيد وك" كذلك لا يجوز "مررت بك وزيد". وأما سيبويه فهي عنده قبيحة ولا تجوز إلا في الشعر ؛ كما قال :
فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا | فاذهب فما بك والأيام من عجب |
عطف
﴿الأيام﴾ على الكاف في
﴿بك﴾ بغير الباء للضرورة. وكذلك قول الآخر :
نعلق في مثل السواري سيوفنا | وما بينها والكعب مهوى نفانف |
عطف "الكعب" على الضمير في "بينها"ضرورة. وقال أبو علي : ذلك ضعيف في القياس. وفي كتاب التذكرة المهدية عن الفارسي أن أبا العباس المبرد قال : لو صليت خلف إمام يقرأ "ما أنتم بمصرخي" و" اتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام " لأخذت نعلي ومضيت. قال الزجاج : قراءة حمزة مع ضعفها وقبحها في العربية خطأ عظيم في أصول أمر الدين ؛ لأن النبي ﷺ قال :" لا تحلفوا بآبائكم " فإذا لم يجز الحلف بغير الله فكيف يجوز بالرحم. ورأيت إسماعيل بن إسحاق يذهب إلى أن الحلف بغير الله أمر عظيم، وأنه خاص لله تعالى. قال النحاس : وقول بعضهم :"والأرحام" قسم خطأ من المعنى والإعراب ؛ لأن الحديث عن النبي ﷺ يدل على النصب. وروى شعبة عن عون بن أبي جحيفة عن المنذر بن جرير عن أبيه قال : كنا عند النبي ﷺ حتى جاء قوم من مضر حفاة عراة، فرأيت وجه رسول الله ﷺ يتغير لما رأى من فاقتهم ؛ ثم صلى الظهر وخطب الناس فقال :"يا أيها الناس اتقوا ربكم،