لذلك على أقوال : أولاها أن يقال : إن الواو على بابها من العطف، غير أنا نجاب عليهم ولا يجابون علينا، كما قال صلى الله عليه وسلم. وقيل : هي زائدة. وقيل : للاستئناف. والأولى أولى. ورواية حذف الواو أحسن معنى وإثباتها أصح رواية وأشهر، وعليها من العلماء الأكثر.
العاشرة : واختلف في رد السلام على أهل الذمة هل هو واجب كالرد على المسلمين ؛ وإليه ذهب ابن عباس والشعبي وقتادة تمسكا بعموم الآية وبالأمر بالرد عليهم في صحيح السنة. وذهب مالك فيما روى عنه أشهب وابن وهب إلى أن ذلك ليس بواجب ؛ فإن رددت فقل : عليك. واختار ابن طاوس أن يقول في الرد عليهم : علاك السلام. أي ارتفع عنك. واختار بعض علمائنا السلام "بكسر السين " يعني به الحجارة. وقول مالك وغيره في ذلك كاف شاف كما جاء في الحديث، وسيأتي في سورة "مريم "القول في ابتدائهم بالسلام عند قوله تعالى إخبارا عن إبراهيم في قوله لأبيه ﴿سَلامٌ عَلَيْكَ﴾. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال :"لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤدوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم ". وهذا يقتضي إفشاءه بين المسلمين دون المشركين. والله أعلم.
الحادية عشرة : ولا يسلم على المصلي فإن سلم عليه فهو بالخيار إن شاء رد بالإشارة بإصبعه وإن شاء أمسك حتى يفرغ من الصلاة ثم يرد. ولا ينبغي أن يسلم على من يقضي حاجته فإن فعل لم يلزمه أن يرد عليه. دخل رجل على النبي ﷺ في مثل هذه الحال فقال له :"إذا وجدتني أو رأيتني على هذه الحل فلا تسلم علي فإنك إن سلمت علي لم أرد عليك ". ولا يسلم على من يقرأ القرآن فيقطع عليه قراءته، وهو بالخيار إن شاء رد وإن شاء أمسك حتى يفرغ ثم يرد، ولا يسلم على من دخل الحمام وهو كاشف العورة، أو كان مشغولا بما له دخل بالحمام، ومن كان بخلاف ذلك سلم عليه.


الصفحة التالية
Icon