إلى مكة ليأتوا ببضائع لهم يتجرون فيها، فاختلف فيهم المؤمنون فقائل يقول : هم منافقون، وقائل يقول : هم مؤمنون ؛ فبين الله تعالى نفاقهم وأنزل هذه الآية وأمر بقتلهم.
قلت : وهذان القولان يعضدهما سياق آخر الآية من قوله تعالى :﴿حَتَّى يُهَاجِرُوا﴾، والأول أصح نقلا، وهو اختيار البخاري ومسلم والترمذي. و"فئتين " نصب على الحال ؛ كما يقال : مالك قائما ؟ عن الأخفش. وقال الكوفيون : هو خبر "ما لكم " كخبر كان وظننت، وأجازوا إدخال الألف واللام فيه وحكى الفراء :" أركسهم، وركسهم " أي ردهم إلى الكفر ونكسهم ؛ وقال النضر بن شميل والكسائي : والركس والنكس قلب الشيء على رأسه، أو رد أوله على آخره، والمركوس المنكوس. وفي قراءة عبدالله وأبي رضي الله عنهما "والله ركسهم". وقال ابن رواحة :
أركسوا في فتنة مظلمة | كسواد الليل يتلوها فتن |
٨٩- ﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً﴾
٩٠- ﴿إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً﴾