٩٤- ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً﴾
فيه إحدى عشرة مسائل :
الأولى : قوله تعالى :﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا﴾ هذا متصل بذكر القتل والجهاد. والضرب : السير في الأرض ؛ تقول العرب : ضربت في الأرض إذا سرت لتجارة أو غزو أو غيره ؛ مقترنة بفي. وتقول : ضربت الأرض دون "في" إذا قصدت قضاء حاجة الإنسان ؛ ومنه قول النبي ﷺ :"لا يخرج الرجلان يضربان الغائط يتحدثان كاشفين عن فرجيهما فإن الله يمقت على ذلك ". وهذه الآية نزلت في قوم من المسلمين مروا في سفرهم برجل معه جمل وغنيمة يبيعها فسلم على القوم وقال : لا إله إلا الله محمد رسول الله ؛ فحمل عليه أحدهم فقتله. فلما ذكر ذلك للنبي ﷺ شق عليه ونزلت الآية. وأخرجه البخاري عن عطاء عن ابن عباس قال : قال ابن عباس : كان رجل في غنيمة له فلحقه المسلمون فقال : السلام عليكم ؛ فقتلوه وأخذوا غنيمته ؛ فأنزل الله تعالى ذلك إلى قوله :﴿عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ تلك الغنيمة. قال : قرأ ابن عباس "السلام". في غير البخاري : وحمل رسول الله ﷺ ديته إلى أهله ورد عليه غنيماته.
واختلف في تعيين القاتل والمقتول في هذه النازلة، فالذي عليه الأكثر وهو في سير ابن إسحاق ومصنف أبي داود والاستيعاب لابن عبدالبر أن القاتل محلم بن جثامة، والمقتول عامر بن الأضبط فدعا عليه السلام على محلم فما عاش بعد ذلك إلا سبعا ثم دفن فلم تقبله الأرض ثم دفن فلم تقبله ثم دفن ثالثة فلم تقبله ؛ فلما رأوا أن الأرض لا تقبله ألقوه في بعض تلك الشعاب ؛ وقال عليه السلام :"إن الأرض لتقبل من هو شر منه ". قال الحسن : أما إنها تحبس من هو


الصفحة التالية
Icon