شر منه ولكنه وعظ القوم ألا يعودوا. وفي سنن ابن ماجة عن عمران بن حصين قال : بعث رسول الله ﷺ جيشا من المسلمين إلى المشركين فقاتلوهم قتالا شديدا، فمنحوهم أكتافهم فحمل رجل من لحمتي على رجل من المشركين بالرمح فلما غشيه قال : أشهد أن لا إله إلا الله ؛ إني مسلم ؛ فطعنه فقتله ؛ فأتى رسول الله ﷺ فقال : يا رسول الله، هلكت ! قال :"وما الذي صنعت " ؟ مرة أو مرتين، فأخبره بالذي صنع. فقال له رسول الله ﷺ :"فهلا شققت عن بطنه فعلمت ما في قلبه " فقال : يا رسول الله لو شققت بطنه أكنت أعلم ما في قلبه ؟ قال :"لا فلا أنت قبلت ما تكلم به ولا أنت تعلم ما في قلبه ". فسكت عنه رسول الله ﷺ فلم يلبث إلا يسيرا حتى مات فدفناه، فأصبح على وجه الأرض. فقلنا : لعل عدوا نبشه، فدفناه ثم أمرنا غلماننا يحرسونه فأصبح على ظهر الأرض. فقلنا : لعل الغلمان نعسوا، فدفناه ثم حرسناه بأنفسنا فأصبح على ظهر الأرض، فألقيناه في بعض تلك الشعاب. وقيل : إن القاتل أسامة بن زيد والمقتول مرداس بن نهيك الغطفاني ثم الفزاري من بني مرة من أهل فدك. وقال ابن القاسم عن مالك. وقيل : كان مرداس هذا قد أسلم من الليلة وأخبر بذلك أهله ؛ ولما عظم النبي ﷺ الأمر على أسامة حلف عند ذلك ألا يقاتل رجلا يقول : لا إله إلا الله. وقد تقدم القول فيه. وقيل : القاتل أبو قتادة. وقيل : أبو الدرداء. ولا خلاف أن الذي لفظته الأرض حين مات هو محرم الذي ذكرناه. ولعل هذه الأحوال جرت في زمان متقارب فنزلت الآية في الجميع. وقد روي أن النبي ﷺ رد على أهل المسلم الغنم والجمل وحمل ديته على طريق الائتلاف والله أعلم. وذكر الثعلبي أن أمير تلك السرية رجل يقال له غالب بن فضالة الليثي. وقيل : المقداد حكاه السهيلي.
الثانية : قوله تعالى :﴿فَتَبَيَّنُوا﴾ أي تأملوا. و"تبينوا "قراءة الجماعة، وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم، وقالا : من أمر بالتبين فقد أمر بالتثبيت ؛ يقال : تبينت الأمر وتبين الأمر بنفسه، فهو متعد ولازم. وقرأ حمزة "فتثبتوا "من التثبت بالثاء مثلثة وبعدها باء بواحدة.