والعرض "بسكون الراء " ما سوى الدنانير والدراهم ؛ فكل عرض عرض، وليس كل عرض عرضا. وفي صحيح مسلم عن النبي ﷺ :"ليس الغنى عن كثرة العرض إنما الغنى غنى النفس ". وقد أخذ بعض العلماء هذا المعنى فنظمه :

تقنع بما يكفيك واستعمل الرضا فإنك لا تدري أتصبح أم تمسي
فليس الغنى عن كثرة المال
إنما يكون الغنى والفقر من قبل النفس
وهذا يصحح قول أبي عبيدة : فإن المال يشمل كل ما يتمول. وفي كتاب العين : العرض ما نيل من الدنيا ؛ ومنه قوله تعالى :﴿تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا﴾ وجمعه عروض. وفي المجمل لابن فارس : والعرض ما يعترض الإنسان من مرض أو نحوه وعرض الدنيا ما كان فيها من مال قل أو كثر. والعرض من الأثاث ما كان غير نقد. وأعرض الشيء إذا ظهر وأمكن. والعرض خلاف الطول.
التاسعة : قوله تعالى :﴿فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ﴾ عدة من الله تعالى بما يأتي به على وجهه ومن حله دون ارتكاب محظور، أي فلا تتهافتوا. ﴿كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ﴾ أي كذلك كنتم تخفون إيمانكم عن قومكم خوفا منكم على أنفسكم حتى من الله عليكم بإعزاز الدين وغلبة المشركين، فهم الآن كذلك كل واحد منهم في قومه متربص أن يصل إليكم، فلا يصلح إذ وصل إليكم أن تقتلوه حتى تتبينوا أمره. وقال ابن زيد : المعنى كذلك كنتم كفرة ﴿فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾ بأن أسلمتم فلا تنكروا أن يكون هو كذلك ثم يسلم لحينه حين لقيكم فيجب أن تتثبتوا في أمره.
العاشرة : استدل بهذه الآية من قال : إن الإيمان هو القول، لقوله تعالى :﴿وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً﴾. قالوا : ولما منع أن يقال لمن قال لا إله إلا الله لست مؤمنا منع من قتلهم بمجرد القول. ولولا الإيمان الذي هو هذا القول لم يعب قولهم. قلنا : إنما شك القوم في حالة أن يكون هذا القول منه تعوذا فقتلوه، والله لم يجعل لعباده غير الحكم بالظاهر ؛ وقد قال ﷺ :"أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله "


الصفحة التالية
Icon