دار الحرب إلى دار الإسلام، وكانت فرضا في أيام النبي ﷺ، وهذه الهجرة باقية مفروضة إلى يوم القيامة، والتي انقطعت بالفتح هي القصد إلى النبي ﷺ حيث كان ؛ فإن بقي في دار الحرب عصى ؛ ويختلف في حاله. الثاني : الخروج من أرض البدعة ؛ قال ابن القاسم : سمعت مالكا يقول لا يحل لأحد أن يقيم بأرض يسب فيها السلف. قال ابن العربي : وهذا صحيح ؛ فإن المنكر إذا لم تقدر أن تغيره فزل عنه، قال الله تعالى :﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ إلى قوله ﴿الظَّالِمِينَ﴾. الثالث : الخروج من أرض غلب عليها الحرام : فإن طلب الحلال فرض على كل مسلم. الرابع : الفرار من الأذية في البدن ؛ وذلك فضل من الله أرخص فيه، فإذا خشي على نفسه فقد أذن الله في الخروج عنه والفرار بنفسه ليخلصها من ذلك المحذور. وأول من فعله إبراهيم عليه السلام ؛ فإنه لما خاف من قومه قال :﴿إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي﴾، وقال :﴿إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾. وقال مخبرا عن موسى :﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ﴾ الخامس : خوف المرض في البلاد الوخمة والخروج منها إلى الأرض النزهة. وقد أذن ﷺ للرعاة حين استوخموا المدينة أن يخرجوا إلى المسرح فيكونوا فيه حتى يصحوا. وقد استثنى من ذلك الخروج من الطاعون ؛ فمنع الله سبحانه منه بالحديث الصحيح عن نبيه ﷺ، وقد تقدم بيانه في "البقرة". بيد أن علماءنا قالوا : هو مكروه. السادس : الفرار خوف الأذية في المال ؛ فإن حرمة مال المسلم كحرمة دمه، والأهل مثله وأوكد. وأما قسم الطلب فينقسم قسمين : طلب دين وطلب دنيا.
فأما طلب الدين فيتعدد بتعدد أنواعه إلى تسعة أقسام : الأول : سفر العبرة ؛ قال الله تعالى :﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ وهو كثير. ويقال : إن ذا القرنين إنما طاف الأرض ليرى عجائبها. وقيل : لينفذ الحق فيها. الثاني : سفر الحج. والأول وإن كان


الصفحة التالية
Icon