قوله تعالى :﴿ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ﴾ أي بتكذيب من كذبه وتصديق من صدقه.
١٦٠- ﴿ فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً ﴾
١٦١- ﴿ وَأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً ﴾
فيه مسألتان :
الأولى : قوله تعالى :﴿ فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا ﴾ قال الزجاج : هذا بدل من ﴿ فَبِمَا نَقْضِهِمْ ﴾. والطيبات ما نصه في قوله تعالى :﴿ وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ ﴾. وقدم الظلم على التحريم إذ هو الغرض الذي قصد إلى الإخبار عنه بأنه سبب التحريم. ﴿ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً ﴾ أي وبصدهم أنفسهم وغيرهم عن أتباع محمد صلى الله عليه وسلم. ﴿ وَأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ﴾ كله تفسير للظلم الذي تعاطوه، وكذلك ما قبله من نقضهم الميثاق وما بعده ؛ وقد مضى في "آل عمران" أن اختلاف العلماء في سبب التحريم على ثلاثة أقوال هذا أحدها.
الثانية : قال ابن العربي : لا خلاف في مذهب مالك أن الكفار مخاطبون، وقد بين الله في هذه الآية أنهم قد نهوا عن الربا وأكل الأموال بالباطل ؛ فإن كان ذلك خبرا عما نزل على محمد في القرآن وأنهم دخلوا في الخطاب فبها ونعمت، وإن كان خبرا عما أنزل الله على موسى في التوراة، وأنهم بدلوا وحرفوا وعصوا وخالفوا فهل يجوز لنا معاملتهم والقوم قد أفسدوا أموالهم في دينهم أم لا ؟ فظنت طائفة أن معاملتهم لا تجوز ؛ وذلك لما في أموالهم من هذا الفساد. والصحيح جواز معاملتهم مع رباهم واقتحام ما حرم الله سبحانه عليهم ؛ فقد قام الليل القاطع على ذلك قرآنا وسنة ؛ قال الله تعالى :﴿ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ ﴾