عن النبي ﷺ أنه أمر بقطع يد رجل فقال :"أحسموها" وفي إسناده مقال ؛ واستحب ذلك جماعة منهم الشافعي وأبو ثور وغيرهما، وهذا أحسن وهو أقرب إلى البرء وأبعد من التلف.
الموفية عشرين- لا خلاف أن اليمنى هي التي تقطع أولا، ثم اختلفوا إن سرق ثانية ؛ فقال مالك وأهل المدينة والشافعي وأبو ثور وغيرهم : تقطع رجله اليسرى، ثم في الثالثة يده اليسرى، ثم في الرابعة رجله اليمنى، ثم إن سرق خامسة يعزر ويحبس. وقال أبو مصعب من علمائنا : يقتل بعد الرابعة ؛ واحتج بحديث خرجه النسائي عن الحارث بن حاطب أن رسول الله ﷺ أتي بلص فقال :"اقتلوه" فقالوا : يا رسول الله، إنما سرق، قال :"اقتلوه"، قالوا : يا رسول إنما سرق، قال :"اقطعوا يده"، قال : ثم سرق فقطعت رجع، ثم سرق على عهد أبي بكر رضي الله عنه حتى قطعت قوائمه كلها، ثم سرق أيضا الخامسة، فقال أبو بكر رضي الله عنه : كان رسول الله ﷺ أعلم بهذا حين قال :"اقتلوه" ثم دفعه إلى فتية من قريش ليقتلوه ؛ منهم عبدالله بن الزبير وكان يحب الإمارة فقال : أمروني عليكم فأمروه عليهم، فكان إذا ضرب ضرب حتى قتلوه. وبحديث جابر أن النبي ﷺ أمر بسارق في الخامسة فقال :"اقتلوه". قال جابر : فانطلقنا به فقتلناه، ثم اجتررناه فرميناه في بئر ورمينا عليه الحجارة. رواه أبو داود وخرجه النسائي وقال : هذا حديث منكر وأحد رواته ليس بالقوي. ولا أعلم في هذا الباب حديثا صحيحا. قال ابن المنذر : ثبت عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أنهما قطعا اليد بعد اليد والرجل بعد الرجل. وقيل : تقطع في الثانية رجله اليسرى ثم لا قطع في غيرها، ثم إذا عاد عزر وحبس ؛ وروي عن علي بن أبي طالب، وبه قال الزهري وحماد بن أبي سليمان وأحمد بن حنبل. قال الزهري : لم يبلغنا في السنة إلا قطع اليد والرجل. وقال عطاء : تقطع يده اليمنى خاصة ولا يعود عليه القطع : ذكره ابن العربي وقال : أما قول عطاء فإن الصحابة قالوا قبله خلافه.


الصفحة التالية
Icon