قوله تعالى :﴿قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ﴾ هذا جواب لقولهم :﴿لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ﴾، فالمعنى ليس عندي خزائن قدرته فأنزل ما اقترحتموه من الآيات، ولا أعلم الغيب فأخبركم به. والخزانة ما يخزن فيه الشيء ؛ ومنه الحديث "فإنما تخزن لهم ضروع مواشيهم أطعماتهم أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته فتكسر خزانته". وخزائن الله مقدوراته ؛ أي لا أملك أن أفعل كل ما أريد مما تقترحون ﴿وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ﴾ أيضا ﴿وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ﴾ وكان القوم يتوهمون أن الملائكة أفضل، أي لست بملك فأشاهد من أمور الله ما لا يشهده البشر. واستدل بهذا القائلون بأن الملائكة أفضل من الأنبياء. وقد مضى في ﴿البقرة﴾ القول فيه فتأمله هناك.
قوله تعالى :﴿إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ﴾ ظاهره أنه لا يقطع أمرا إلا إذا كان فيه وحي. والصحيح أن الأنبياء يجوز منهم الاجتهاد، والقياس على المنصوص، والقياس أحد أدلة الشرع. وسيأتي بيان هذا في ﴿الأعراف﴾ وجواز اجتهاد الأنبياء في ﴿الأنبياء﴾ إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى :﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ﴾ أي الكافر والمؤمن ؛ عن مجاهد وغيره. وقيل : الجاهل والعالم. ﴿أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ﴾ أنهما لا يستويان.
٥١- ﴿وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾
قوله تعالى :﴿وَأَنْذِرْ بِهِ﴾ أي بالقرآن. والإنذار الإعلام وقيل :﴿بِهِ﴾ أي بالله. وقيل : باليوم الآخر. وخص ﴿الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ﴾ لأن الحجة عليهم أوجب، فهم خائفون من عذابه، لا أنهم يترددون في الحشر ؛ فالمعنى ﴿يَخَافُونَ﴾


الصفحة التالية
Icon