يتوقعون عذاب الحشر. وقيل :﴿يَخَافُونَ﴾ يعلمون، فإن كان مسلما أنذر ليترك المعاصي، وإن كان من أهل الكتاب أنذر ليتبع الحق. وقال الحسن : المراد المؤمنون. قال الزجاج : كل من أقر بالبعث من مؤمن وكافر. وقيل : الآية في المشركين أي أنذرهم بيوم القيامة. والأول أظهر. ﴿لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ﴾ أي من غير الله ﴿شَفِيعٌ﴾ هذا رد على اليهود والنصارى في زعمهما أن أباهما يشفع لهما حيث قالوا :﴿نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾ والمشركون حيث جعلوا أصنامهم شفعاء لهم عند الله، فأعلم الله أن الشفاعة لا تكون للكفار. ومن قال الآية في المؤمنين قال : شفاعة الرسول لهم تكون بإذن الله فهو الشفيع حقيقة إذن ؛ وفي التنزيل :﴿وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى﴾. ﴿وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ﴾. ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾. ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ أي في المستقبل وهو الثبات على الإيمان.
٥٢- ﴿وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾
قوله تعالى :﴿وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ﴾ الآية. قال المشركون : ولا نرضى بمجالسة أمثال هؤلاء - يعنون سلمان وصهيبا وبلالا وخبابا - فاطردهم عنك ؛ وطلبوا أن يكتب لهم بذلك، فهم النبي ﷺ بذلك، ودعا عليا ليكتب ؛ فقام الفقراء وجلسوا ناحية ؛ فأنزل الله الآية. ولهذا أشار سعد بقوله في الحديث الصحيح : فوقع في نفس رسول الله ﷺ ما شاء الله أن يقع ؛ وسيأتي ذكره. وكان النبي ﷺ إنما مال إلى ذلك طمعا في إسلامهم، وإسلام قومهم، ورأى أن ذلك لا يفوت أصحابه شيئا، ولا ينقص لهم قدرا، فمال إليه فأنزل الله الآية، فنهاه عما هم به من الطرد لا أنه أوقع الطرد. روى مسلم عن سعد بن أبي وقاص قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم


الصفحة التالية
Icon