وقرئ ﴿ضَلِلْتُ﴾ بفتح اللام وكسرها وهما لغتان. قال أبو عمرو بن العلاء : ضللت بكسر اللام لغة تميم، وهي قراءة يحيى بن وثاب وطلحة بن مصرف، والأولى هي الأصح والأفصح ؛ لأنها لغة أهل الحجاز، وهي قراءة الجمهور. وقال الجوهري : والضلال والضلالة ضد الرشاد، وقد ضللت أضل، قال الله تعالى :﴿قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي﴾ فهذه لغة نجد، وهي الفصيحة، وأهل العالية يقولون : ضللت بالكسر أضل.
٥٧- ﴿قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ﴾
قوله تعالى :﴿قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي﴾ أي دلالة ويقين وحجة وبرهان، لا على هوى ؛ ومنه البينة لأنها تبين الحق وتظهره. ﴿وَكَذَّبْتُمْ بِهِ﴾ أي بالبينة لأنها في معنى البيان، كما قال :﴿وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه﴾ على ما بيناه هناك. وقيل يعود على الرب، أي كذبتم بربي لأنه جرى ذكره. وقيل : بالعذاب. وقيل : بالقرآن. وفي معنى هذه الآية والتي قبلها ما أنشده مصعب بن عبدالله بن الزبير لنفسه، وكان شاعرا محسنا رضي الله عنه :
أأقعد بعدما رجفت عظامي | وكان الموت أقرب ما يليني |
أجادل كل معترض خصيم | وأجعل دينه غرضا لديني |
فاترك ما علمت لرأي غيري | وليس الرأي كالعلم اليقين |
وما أنا والخصومة وهي شيء | يصرف في الشمال وفي اليمين |
وقد سنت لنا سنن قوام | يلحن بكل فج أو وجين |
وكان الحق ليس به خفاء | أغر كغرة الفلق المبين |