"وإن خالطها كلاب من غيرها فلا تأكل - في رواية - فإنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره". فأما لو أرسله صائد آخر فاشترك الكلبان فيه فإنه للصائدين يكونان شريكين فيه. فلو أنفذ أحد الكلبين مقاتله ثم جاء الآخر فهو للذي أنفذ مقاتله، وكذلك لا يؤكل ما رمي بسهم فتردى من جبل أو غرق في ماء ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام لعدي :"وإن رميت بسهمك فأذكر اسم الله فإن غاب عنك يوما فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل وإن وجدته غريقا في الماء فلا تأكل فإنك لا تدري الماء قتله أو سهمك" وهذا نص
الثانية عشرة- لو مات الصيد في أفواه الكلاب من غير بضع لم يؤكل ؛ لأنه مات خنقا فأشبه أن يذبح بسكين كالة فيموت في الذبح قبل أن يفرى حلقه. ولو أمكنه أخذه من الجوارح وذبحه فلم يفعل حتى مات لم يؤكل، وكان مقصرا في الذكاة ؛ لأنه قد صار مقدورا على ذبحه، وذكاة المقدور عليه تخالف ذكاة غير المقدور عليه. ولو أخذه ثم مات قبل أن يخرج السكين، أو تناولها وهي معه جاز أكله ؛ ولو لم تكن السكين معه فتشاغل بطلبها لم تؤكل. وقال الشافعي : فيما نالته الجوارح ولم تدمه قولان أحدهما : إلا يؤكل حتى يجرح ؛ لقوله تعالى :﴿ مِنَ الْجَوَارِحِ ﴾ وهو قول ابن القاسم ؛ والآخر : أنه حر وهو قول أشهب، قال أشهب : إن مات من صدمة الكلب أكل.
الثالثة عشرة- قوله :"فإن غاب عنك يوما فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل" ونحوه في حديث أبي ثعلبة الذي خرجه أبو داود، غير أنه زاد "فكله بعد ثلاث ما لم ينتن" يعارضه قوله عليه السلام :"كل ما أصميت ودع ما أنميت" فالإصماء ما قتل مسرعا وأنت تراه، والإنماء أن ترمي الصيد فيغيب، عنك فيموت وأنت لا تراه ؛ يقال : قد أنميت الرمية فنمت تنمي إذا غابت ثم ماتت قال امرؤ القيس :
فهو لا تنمي رميته... ماله لا عد من نفرة
وقد اختلف العلماء في أكل الصيد الغائب على ثلاثة أقوال : يؤكل، وسواء قتله السهم أو الكلب. الثاني : لا يؤكل شيء من ذلك إذا غاب ؛ لقوله :"كل ما أصميت ودع ما أنميت"