ولا دين لهم. وأما إن كان الصائد مجوسا فمنع من أكله مالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابهم وجمهور الناس. وقال أبو ثور فيها قولان : أحدهما : كقول هؤلاء، والآخر : أن المجوس من أهل الكتاب وأن صيدهم جائز. ولو أصطاد السكران أو ذبح لم يؤكل صيده ولا ذبيحته ؛ لأن الذكاة تحتاج إلى قصد، والسكران لا قصد له.
الخامسة عشرة- واختلف النحاة في ﴿ مِنْ ﴾ في قوله تعالى :﴿ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ﴾ فقال الأخفش : هي زائدة كقوله :﴿ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ ﴾ وخطأه البصريون وقالوا :﴿ مِنْ ﴾ لا تزاد في الإثبات وإنما تزاد في النفي والاستفهام، وقوله :﴿ مِنْ ثَمَرِهِ ﴾ ﴿ َيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ ﴾ و ﴿ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ ﴾ للتبعيض ؛ أجاب فقال : قد قال :﴿ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ ﴾ بإسقاط ﴿ مِنْ ﴾ فدل على زيادتها في الإيجاب ؛ أجيب بأن ﴿ مِنْ ﴾ ههنا للتبعيض ؛ لأنه إنما يحل من الصيد اللحم دون الفرث والدم
قلت : هذا ليس بمراد ولا معهود في الأكل فيعكر على ما قال. ويحتمل أن يريد ﴿ مِمَّا أَمْسَكْنَ ﴾ أي مما أبقته الجوارح لكم ؛ وهذا على قول من قال : لو أكل الكلب الفريسة لم يضر وبسبب هذا الاحتمال اختلف العلماء في جواز أكل الصيد إذا أكل الجارح منه على ما تقدم
السادسة عشرة- ودلت الآية على جواز اتخاذ الكلاب واقتنائها للصيد، وثبت ذلك في صحيح السنة وزادت الحرث والماشية ؛ وقد كان أول الإسلام أمر بقتل الكلاب حتى كان يقتل كلب المرية من البادية يتبعها ؛ روى مسلم عن ابن عمر عن النبي ﷺ قال :"من أقتنى كلبا إلا كلب صيد أو ماشية نقص من أجره كل يوم قيراطان" وروي أيضا عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ :"من اتخذ كلبا إلا كلب ماشية أو صيد أو زرع انتقص من أجره كل يوم قيراط". قال الزهري : وذكر لابن عمر قول أبي هريرة فقال : يرحم الله أبا هريرة، كان صاحب زرع ؛ فقد دلت السنة على ما ذكرنا، وجعل النقص من أجر من أقتناها على غير ذلك من المنفعة ؛ إما لترويع الكلب المسلمين


الصفحة التالية
Icon