طعام من لا كتاب له كالمشركين وعبدة الأوثان ما لم يكن من ذبائحهم ولم يحتج إلى ذكاة ؛ إلا الجبن ؛ لما فيه من إنفحة الميتة. فإن كان أبو الصبي مجوسيا وأمه كتابية فحكمه حكم أبيه عند مالك، وعند غيره لا تؤكل ذبيحة الصبي إذا كان أحد أبويه ممن لا تؤكل ذبيحته
السادسة- وأما ذبيحة نصارى بني تغلب وذبائح كل دخيل في اليهودية والنصرانية فكان علي رضي الله عنه ينهى عن ذبائح بني تغلب ؛ لأنهم عرب، ويقول : إنهم لم يتمسكوا بشيء من النصرانية إلا بشرب الخمر ؛ وهو قول الشافعي ؛ وعلى هذا فليس ينهى عن ذبائح النصارى المحققين منهم. وقال جمهور الأمة : إن ذبيحة كل نصراني حلال ؛ سواء كان من بني تغلب أو غيرهم، وكذلك اليهودي. واحتج ابن عباس بقوله تعالى :﴿ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ﴾ فلو لم تكن بنو تغلب من النصارى إلا بتوليهم إياهم لأكلت ذبائحهم
السابعة- ولا بأس بالأكل والشرب والطبخ في آنية الكفار كلهم، ما لم تكن ذهبا أو فضة أو جلد خنزير بعد أن تغسل وتغلى ؛ لأنهم لا يتوقون النجاسات ويأكلون الميتات ؛ فإذا طبخوا في تلك القدور تنجست، وربما سرت النجاسات في أجزاء دور الفخار ؛ فإذا طبخ فيها بعد ذلك توقع مخالطة تلك الأجزاء النجسة للمطبوخ في القدد ثانية ؛ فاقتضى الورع الكف عنها. وروي عن ابن عباس أنه قال : إن كان الإناء من نحاس أو حديد غسل، وإن كان من فخار أغلي فيه الماء ثم غسل - هذا إذا احتيج إليه - وقاله مالك ؛ فأما ما يستعملونه لغير الطبخ فلا بأس باستعماله من غير غسل ؛ لما روى الدارقطني عن عمر أنه توضأ من بيت نصراني في حق نصرانية ؛ وهو صحيح وسيأتي في ﴿ الْفُرْقَانَ ﴾ بكماله. وفي صحيح مسلم من حديث أبي ثعلبة الخشني قال أتيت رسول الله ﷺ فقلت : يا رسول الله إنا بأرض قوم من أهل كتاب نأكل في آنيتهم، وأرض صيد، أصيد بقوسي وأصيد بكلبي المعلم، وأصيد بكلبي الذي ليس بمعلم ؛ فأخبرني ما الذي يحل لنا من ذلك ؟ قال :"أما ما ذكرت


الصفحة التالية
Icon