الآيتان : ٢ - ٣ ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ، الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾
الآية : ٤ ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾
فيه ثلاث مسائل :-
الأولى : قال العلماء : هذه الآية تحريض على إلزام طاعة الرسول ﷺ فيما أمر به من قسمة تلك الغنيمة. والوجل : الخوف. وفي مستقبله أربع لغات : وجل يوجل وياجل وييجل وييجل، حكاه سيبويه. والمصدر وجل جلا وموجلا ؛ بالفتح. وهذا موجله "بالكسر" للموضع والاسم. فمن قال : ياجل في المستقبل جعل الواو ألفا لفتحة ما قبلها. ولغة القرآن الواو ﴿قَالُوا لا تَوْجَلْ﴾ [الحجر : ٥٣]. ومن قال :﴿يَيجل﴾ بكسر الياء فهي على لغة بني أسد، فإنهم يقولون : أنا إيجل، ونحن نيجل، وأنت تيجل ؛ كلها بالكسر. ومن قال :﴿يَيْجل﴾ بناه على هذه اللغة، ولكنه فتح الياء كما فتحوها في يعلم، ولم تكسر الياء في يعلم لاستثقالهم الكسر على الياء. وكسرت في ﴿ييجل﴾ لتقوي إحدى الياءين بالأخرى. والأمر منه ﴿إيجَلْ﴾ صارت الواو ياء الكسرة ما قبلها. وتقول : إني منه لأوجل. ولا يقال في المؤنث : وجلاء : ولكن وجلة. وروى سفيان عن السدي في قوله جل وعز :﴿الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ قال : إذا أراد أن يظلم مظلمة قيل له : اتق الله، ووجل قلبه.
الثانية : وصف الله تعالى المؤمنين في هذه الآية بالخوف والوجل عند ذكره. وذلك لقوة إيمانهم ومراعاتهم لربهم، وكأنهم بين يديه. ونظير هذه الآية ﴿وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ. الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ [الحج : ٣٤، ٣٥]. وقال :﴿وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد : ٢٨]. فهذا يرجع إلى كمال