الصحابة قال لرسول الله ﷺ حين جعل لكل من أتى بأسير شيئا قال : يبقى أكثر الناس بغير شيء. فموضع الكاف في ﴿كَمَا﴾ نصب كما ذكرنا. وقال الفراء أيضا. قال أبو عبيدة : هو قسم، أي والذي أخرجك ؛ فالكاف بمعنى الواو، وما بمعنى الذي. وقال سعيد بن مسعدة : المعنى أولئك هم المؤمنون حقا كما أخرجك ربك من بيتك بالحق. قال وقال بعض العلماء ﴿كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ﴾ فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم. وقال عكرمة : المعنى أطيعوا الله ورسوله كما أخرجك. وقيل :﴿كَمَا أَخْرَجَكَ﴾ متعلق بقوله ﴿لَهُمْ دَرَجَاتٌ﴾ المعنى : لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم. أي هذا الوعد للمؤمنين حق في الآخرة كما أخرجك ربك من بيتك بالحق الواجب له ؛ فأنجزك وعدك. وأظفرك بعدوك وأوفى لك ؛ لأنه قال عز وجل :﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ﴾ [الأنفال : ٧]. فكما أنجز هذا الوعد في الدنيا كذا ينجزكم ما وعدكم به في الآخرة. وهذا قول حسن ذكره النحاس واختاره. وقيل : الكاف في ﴿كَمَا﴾ كاف التشبيه، ومخرجه على سبيل، المجازاة ؛ كقول القائل لعبده : كما وجهتك إلى أعدائي فاستضعفوك وسألت مددا فأمددتك وقويتك وأزحت علتك، فخذهم الآن فعاقبهم بكذا. وكما كسوتك وأجريت عليك الرزق فاعمل كذا وكذا. وكما أحسنت إليك فاشكرني عليه. فقال : كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وغشاكم النعاس أمنة منه - يعني به إياه ومن معه - وأنزل من السماء ماء ليطهركم به، وأنزل عليكم من السماء ملائكة مردفين ؛ فاضربوا فوق الأعناق وأضربوا منهم كل بنان. كأنه يقول : قد أزحت عللكم، وأمددتكم" بالملائكة فاضربوا منهم هذه المواضع، وهو المقتل ؛ لتبلغوا مراد الله في إحقاق الحق وإبطال الباطل. والله أعلم. ﴿وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ﴾ أي لكارهون ترك مكة وترك أموالهم وديارهم.
الآية : ٦ ﴿يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ﴾


الصفحة التالية
Icon