واحد. ﴿فَلا يُؤْمِنُوا﴾ قيل : هو عطف على قوله :﴿ لِيُضِلُّوا﴾ أي آتيتهم النعم ليضلوا ولا يؤمنوا ؛ قاله الزجاج والمبرد. وعلى هذا لا يكون فيه من معنى الدعاء شيء. وقوله :﴿رَبَّنَا اطْمِسْ، وَاشْدُدْ﴾ كلام معترض. وقال الفراء والكسائي وأبو عبيدة : هو دعاء، فهو في موضع جزم عندهم ؛ أي اللهم فلا يؤمنوا، أي فلا آمنوا. ومنه قول الأعشى :
فلا ينبسط من بين عينيك ما انزوى | ولا تلقني إلا وأنفك راغم |
أي لا انبسط. ومن قال
﴿لِيَضِلُّوا﴾ دعاء - أي ابتلهم بالضلال - قال : عطف عليه
﴿فَلا يُؤْمِنُوا﴾. وقيل : هو في موضع نصب لأنه جواب الأمر ؛ أي واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا. وهذا قول الأخفش والفراء أيضا، وأنشد الفراء :
يا ناق سيري عنقا فسيحا | إلى سليمان فنستريحا |
فعلى هذا حذفت النون لأنه منصوب.
﴿حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾ قال ابن عباس : هو الغرق. وقد استشكل بعض الناس هذه الآية فقال : كيف دعا عليهم وحكم الرسل استدعاء إيمان قومهم ؛ فالجواب أنه لا يجوز أن يدعو نبي على قومه إلا بإذن من الله، وإعلام أنه ليس فيهم من يؤمن ولا يخرج من أصلابهم من يؤمن ؛ دليله قوله لنوح عليه السلام :
﴿نَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ﴾ [هود : ٣٦] وعند ذلك قال :
﴿رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً﴾ الآية [نوح : ٢٦]. والله أعلم.
الآية : ٨٩
﴿قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾
قوله تعالى :
﴿قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا﴾ قال أبو العالية : دعا موسى وأمن هارون ؛ فسمي هارون وقد أمن على الدعاء داعيا. والتأمين على الدعاء أن يقول آمين ؛ فقولك آمين