أي شهي في صورة هامان وقال له : تقدم، ثم خاض البحر فتبعها حصان فرعون، وميكائيل يسوقهم لا يشذ منهم أحد، فلما صار آخرهم في البحر وهم أولهم أن يخرج انطبق عليهم البحر، وألجم فرعون الغرق فقال : آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل ؛ فدس جبريل في فمه حال البحر. وروى الترمذي عن ابن عباس أن النبي ﷺ قال :"لما أغرق الله فرعون قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل قال جبريل يا محمد فلو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر فأدسه في فيه مخافة أن تدركه الرحمة". قال أبو عيسى : هذا حديث حسن. حال البحر : الطين الأسود الذي يكون في أرضه ؛ قال أهل اللغة. وعن ابن عباس عن النبي ﷺ أنه ذكر :"أن جبريل جعل يدس في في فرعون الطين خشية أن يقول لا إله إلا الله فيرحمه الله أو خشية أن يرحمه". قال : هذا حديث حسن غريب صحيح. وقال عون بن عبدالله : بلغني أن جبريل قال للنبي ﷺ : ما ولد إبليس أبغض إلي من فرعون، فإنه لما أدركه الغرق قال :﴿آمَنْتُ﴾ الآية، فخشيت أن يقولها فيرحم، فأخذت تربة أو طينة فحشوتها في فيه. وقيل : إنما فعل هذا به عقوبة له على عظيم ما كان يأتي. وقال كعب الأحبار : أمسك الله نيل مصر عن الجري في زمانه. فقالت له القبط : إن كنت ربنا فأجر لنا الماء ؛ فركب وأمر بجنوده قائدا قائدا وجعلوا يقفون عل درجاتهم وقفز حيث لا يرونه ونزل عن دابته ولبس ثيابا له أخرى وسجد وتضرع لله تعالى فأجرى الله له الماء، فأتاه جبريل وهو وحده في هيئة مستفت وقال : ما يقول الأمير في رجل له عبد قد نشأ في نعمته لا سند له غيره، فكفر نعمه وجحد حقه وادعى السيادة دونه ؛ فكتب فرعون : يقول أبو العباس الوليد بن مصعب بن الريان جزاؤه أن يغرق في البحر ؛ فأخذه جبريل ومر فلما أدركه الغرق ناول جبريل عليه السلام خطه. وقد مضى هذا في "البقرة" عن عبدالله بن عمرو بن العاص وابن عباس مسندا ؛ وكان هذا في يوم عاشوراء على ما تقدم بيانه في "البقرة" أيضا فلا معنى للإعادة.


الصفحة التالية
Icon