" صفحة رقم ٤٩٢ "
العصاة فالنظر فيه يؤدي إلى ان يتقي القادر عليه ويخشي عقابه ولأنه يدل على النعمة السابغة عليهم فحقهم ان يتقوه في كفرانها والتفريط فيما يلزمهم من القيام بشكرها
أو أراد بالتقوى تقوى خاصة وهي ان يتقوه فيما يتصل بحفظ الحقوق بينهم فلا يقطعوا ما يجب عليهم وصله فقيل اتقوا ربكم الذي وصل بينكم حيث جعلكم صنوانا مفرعة من أرومة واحدة
فيما يجب على بعضكم لبعض فحافظوا عليه ولا تغفلوا عنه
وهذا المعنى مطابق لمعاني السورة وقرىء ( وخالق منها زوجها وباث منهما ) بلفظ اسم الفاعل وهو خبر مبتدأ محذوف تقديره وهو خالق
) تساءلون به (
تتساءلون به فأدغمت التاء في السين
وقرىء ( تساءلون ) بطرح التاء الثانية أي يسأل بعضكم بعضا بالله وبالرحم
فيقول بالله وبالرحم أفعل كذا على سبيل الاستعطاف
واناشدك الله والرحم
أو تسالون غيركم بالله والرحم فقيل ( تفاعلون ) موضع ( تفعلون ) للجمع كقولك رأيت الهلال وتراءيناه وتنصره قراءة من قرأ ( تسلون به ) مهموز أو غير مهموز
وقرىء ( والأرحام ) بالحركات الثلاث فالنصب على وجهين إما على واتقوا الله والأرحام أو ان يعطف على محل الجار والمجرور كقولك مررت بزيد وعمرا
وينصره قراءة ابن مسعود ( تسألون به وبالأرحام ) والجر على عطف الظاهر على المضمر وليس بسديد لأن الضمير المتصل متصل كاسمه والجار والمجرور كشيء واحد فكانا في قولك ( مررت به وزيد ) و ( هذا غلامه وزيد شديدي الاتصال فلما اشتد الاتصال لتكرره أشبه العطف على بعض الكلمة فلم يجز ووجب تكرير العامل كقولك مررت به وبزيد و هذا غلامه وغلام زيد ) ألا ترى إلى صحة قولك ( رأيتك وزيدا ) و ( مررت بزيد وعمرو ) لما لم يقو الاتصال لأنه لم يتكرر وقد تمحل لصحة هذه القراءة بانها على تقدير تكرير الجار ونظيرها
( فاذهب فما بك والأيام من عجب )
والرفع على انه مبتدأ خبره محذوف كانه قيل والأرحام كذلك على معنى والأرحام مما يتقى أو والأرحام مما يساءل به
والمعنى أنهم كانوا يقرون بان لهم خالقا وكانوا يتساءلون بذكر الله والرحم فقيل لهم اتقوا الله الذي خلقكم واتقوا الذي تتناشدون به واتقوا الأرحام فلا تقطعوها أو واتقوا الله الذي تتعاطفون بإذكاره وبإذكار


الصفحة التالية
Icon