" صفحة رقم ٦٥٦ "
وعن علي رضي الله عنه أنه كان يدعو الناس على منبر الكوفة إلى قتال البغاة فما اجابه الا رجلان فتنفس الصعداء
ودعا لهما وقال أين تقعان مما أريد وذكر في إعراب ( أخي ) وجوه أن يكون منصوبا عطفا على نفسي أو على الضمير في ( إني ) بمعنى ولا املك الا نفسي وإن اخي لا يملك الا نفسه
ومرفوعا عطفا على محل إن واسمها
كانه قيل انا لا املك الا نفسي وهارون كذلك لا يملك الا نفسه أو على الضمير في لا املك
وجاز للفصل ومجرورا عطفا على الضمير في نفسي وهو ضعيف لقبح العطف على ضمير المجرور الا بتكرير الجار
فإن قلت اما كان معه الرجلان المذكوران قلت كانه لم يثق بهما كل الوثوق ولم يطمئن إلى ثباتهما لما ذاق على طول الزمان واتصال الصحبة من احوال قومه وتلونهم وقسوة قلوبهم فلم يذكر إلا النبي المعصوم الذي لا شبهة في امره ويجوز ان يقول ذلك لفرط ضجره عندما سمع منهم تقليلا لمن يوافقه
ويجوز ان يريد ومن يؤاخيني على ديني
) فافرق (
فافصل ) بيننا (
وبينهم بان تحكم لنا بما نستحق وتحكم عليهم بما يستحقون وهو في معنى الدعاء عليهم
ولذلك وصل به قوله
) فإنها محرمة عليهم (
على وجه التسبيب أو فباعد بيننا وبينهم وخلصنا من صحبتهم كقوله
) ونجني من القوم الظالمين ( القصص ٢١
) فإنها (
فإن الأرض المقدسة
) محرمة عليهم (
لا يدخلونها ولا يملكونها فإن قلت كيف يوفق بين هذا وبين قوله
) التي كتب الله لكم ( المائدة ٢١ قلت فيه وجهان أحدهما ان يراد كتبها لكم بشرط أن تجاهدوا اهلها فلما أبوا الجهاد قيل فإنها محرمة عليهم
والثاني أن يراد فإنها محرمة عليهم أربعين سنة فإذا مضت الأربعون كان من كتب فقد روى ان موسى سار بمن بقي من بني إسرائيل وكان يوشع على مقدمته ففتح أريحاء وأقام فيها ما شاء الله ثم قبض صلوات الله عليه
وقيل لما مات موسى بعث يوشع نبيا فأخبرهم بأنه نبي الله وان الله امره بقتال الجبابرة فصدقوه وبايعوه وسار بهم إلى أريحاء وقتل الجبارين واخرجهم وصار الشام كله لبني اسرائيل وقيل لم يدخل الأرض المقدسة أحد ممن قال
) إنا لن ندخلها ( وهلكوا في التيه ونشأت نواشيء من ذرياتهم فقاتلوا الجبارين ودخلوها والعامل في الظرف إما ( محرمة ) وإما ( يتيهون ) ومعنى
) يتيهون في الأرض (
يسيرون فيها متحيرين لا يهتدون طريقا
والتيه المفازة التى يتاه فيها
روى انهم لبثوا أربعين سنة في ستة فراسخ يسيرون كل يوم جادين حتى اذا سئموا وأمسوا اذا هم بحيث ارتحلوا عنه وكان الغمام يظللهم من حر الشمس ويطلع لهم عمود من نور بالليل يضيء لهم وينزل عليهم المن والسلوى ولا تطول شعورهم واذا ولد لهم مولود كان عليه ثوب كالظفر يطول بطوله
فإن قلت فلم