" صفحة رقم ١١٤ "
وصفوا لا يعلم ما بين جنبيها إلاّ الله تعالى، وعظماؤهم ينظرون، ثم نتجت ولداً مثلها في العظم فآمن به جندع ورهط من قومه، ومنع أعقابهم ناس من رؤوسهم أن يؤمنوا، فمكثت الناقة مع ولدها ترعى الشجر وتشرب الماء، وكانت ترد غباً، فإذا كان يومها وضعت رأسها في البئر فما ترفعه حتى تشرب كلّ ماء فيها، ثم تتفحج فيحتلبون ما شاؤا حتى تمتلىء أوانيهم، فيشربون ويدخرون. قال أبو موسى الأشعري : أتيت أرض ثمود فذرعت مصدر الناقة فوجدته ستين ذراعاً. وكانت الناقة إذا وقع الحرّ تصيفت بظهر الوادي فتهرب منها أنعامهم فتهبط إلى بطنه وإذا وقع البرد تشتت بطن الوادي فتهرب مواشيهم إلى ظهره، فشقّ ذلك عليهم وزينت عقرها لهم امرأتان : عنيزة أمّ غنم، وصدقة بنت المختار لما أضرت به من مواشيهما وكانتا كثيرتي المواشي فعقروها واقتسموا لحمها وطبخوه، فانطلق سقبها حتى رقي جبلاً اسمه قارة فرغى ثلاثاً وكان صالح قال لهم : أدركوا الفصيل عسى أن يرفع عنكم العذاب، فلم يقدروا عليه وانفجت الصخرة بعد رغائه فدخلها. فقال لهم صالح : تصبحون غداً ووجوهكم مصفرَّة واليوم الثالث ووجوهكم محمرّة، وبعد غد ووجوهكم مسودّة، ثم يصحبكم العذاب فلما رأوا العلامات طلبوا أن يقتلوه. فأنجاه الله إلى أرض فلسطين. ولما كان اليوم الرابع وارتفع الضحى تحنطوا بالصبر وتكفنوا بالأنطاع، فأتتهم صيحة من السماء فتقطعت قلوبهم فهلكوا ) تَأْكُلْ فِى أَرْضِ اللَّهِ ( أي الأرض أرض الله والناقة ناقة الله، فذروها تأكل في أرض ربها، فليست الأرض لكم ولا ما فيها من النبات من أنباتكم ) وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوء ( لا تضربوها ولا تطردوها ولا تريبوها بشيء من الأذى إكراماً لآية الله. ويروى :
( ٣٩٢ ) أنّ رسول الله ( ﷺ ) حين مرّ بالحجر في غزوة تبوك قال لأصحابه ؛ ( لا يدخلنّ أحد منكم القرية، ولا تشربوا من مائها، ولا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلاّ أن تكونوا باكين أن يصيبكم مثل الذي أصابهم ) وقال ( ﷺ ) :


الصفحة التالية
Icon