" صفحة رقم ١١٦ "
) قَوْمِهِ ( أو إلى ) الَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ (. فإن قلت : هل لاختلاف المرجعين أثر في اختلاف المعنى ؟ قلت : نعم وذلك أن الراجع إذا رجع إلى قومه فقد جعل ) مَنْ ءامَنَ ( مفسراً لمن استضعف منهم، فدل أن استضعافهم كان مقصوراً على المؤمنين، وإذا رجع إلى الذين استضعفوا لم يكن الاستضعاف مقصوراً عليهم، ودلّ أن المستضعفين كانوا مؤمنين وكافرين :) أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُّرْسَلٌ مّن رَّبّهِ ( شيء قالوه على سبيل الطنز والسخرية، كما تقول للمجسمة : أتعلمون أن الله فوق العرش. فإن قلت : كيف صحّ قولهم :) إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ ( جواباً عنه ؟ قلت : سألوهم عن العلم بإرساله، فجعلوا إرساله أمراً معلوماً مكشوفاً مسلماً لا يدخله ريب، كأنهم قالوا : العلم بإرساله وبما أرسل به ما لا كلام فيه ولا شبهة تدخله لوضوحه وإنارته، وإنما الكلام في وجوب الإيمان به، فنخبركم أنا به مؤمنون، ولذلك كان جواب الكفرة :) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِى ( فوضعوا ) بِهِ ءآلنَ ( موضع ) أُرْسِلَ بِهِ ( رداً لما جعله المؤمنون معلوماً وأخذوه مسلماً ) فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ ( أسند العقر إلى جميعهم لأنه كان برضاهم وإن لم يباشره إلاّ بعضهم، وقد يقال للقبيلة الضحمة : أنتم فعلتم كذا، وما فعله إلاّ واحداً منهم ) وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبّهِمْ ( وتولوا عنه واستكبروا عن امتثاله عاتين، وأمر ربهم : ما أمر به على لسان صالح عليه السلام من قوله :) فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِى أَرْضِ اللَّهِ ( ( الأعراف : ٧٣ ) أو شأن ربهم وهو دينه. ويجوز أن يكون المعنى : وصدر عتوّهم عن أمر ربهم، كأن أمر ربهم بتركها كان هو السبب في عتوّهم. ونحو عن هذه ما في قوله :) وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِى ( ( الكهف : ٨٢ )، ) ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا ( أرادوا من العذاب. وإنما جاز الإطلاق لأنه كان معلوماً. واستعجالهم له لتكذيبهم به، ولذلك علقوه بما هم به كافرون، وهو كونه من المرسلين ) الرَّجْفَةُ ( الصيحة التي زلزلت لها الأرض واضطربوا لها ) فِي دَارِهِمْ ( في بلادهم أو في مساكنهم ) جَاثِمِينَ (


الصفحة التالية
Icon